طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد جاءَ في الموسوعَةِ الفِقهِيَّةِ الكُوَيتِيَّةِ: مُصطَلَح دَفْن: لا خِلافَ بَينَ الفُقَهاءِ في أنَّهُ لا يُدفَنُ أكثَرُ من واحِدٍ في قَبْرٍ واحِدٍ إلا لِضَرورَةٍ، كَضِيقِ مَكانٍ، أو تَعَذُّرِ حَافِرٍ، أو تُربَةٍ أُخرى، لأنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كانَ يَدفِنُ كُلَّ مَيِّتٍ في قَبْرٍ واحِدٍ؛ وعلى هذا فَعَلَ الصَّحابَةُ ومَن بَعدَهُم.
وجاءَ في رَدِّ المُحتارِ: وَيُكْرَهُ الدَّفْنُ فِي الفَسَاقِي ـ وهيَ كَبَيتٍ مَعقودٍ بالبِناءِ يَسَعُ جَماعَةً قِياماً لِمُخالَفَتِها السُّنَّةَ ـ
والكَراهَةُ فيها مِنْ وُجُوهٍ:
1ـ عَدَمُ اللَّحْدِ.
2ـ دَفْنُ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، واخْتِلَاطُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ مِنْ غَيْرِ حَاجِزٍ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي كَثِيرٍ مِنْهَا، وتَجْصِيصُهَا وَالْبِنَاءُ عَلَيْهَا.
3ـ خُصوصاً إذا كانَ فيها مَيْتٌ لم يَبْلَ.
وَمَا يَفْعَلُهُ جَهَلَةُ الْحَفَّارِينَ مِنْ نَبْشِ الْقُبُورِ الَّتِي لَمْ تَبْلَ أَرْبَابُهَا، وَإِدْخَالِ أَجَانِبَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ مِن الْمُنْكَرِ الظَّاهِرِ، وَلَيْسَ مِن الضَّرُورَةِ الْمُبِيحَةِ لِجَمْعِ مَيْتَيْنِ فَأَكْثَرَ ابْتِدَاءً فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ. اهـ.
وبناء على ذلك:
فَيُكرَهُ دَفْنُ أكثَرَ من مَيْتٍ في قَبْرٍ واحِدٍ، خاصَّةً في الفَسَاقِي ـ غُرفَةٌ صَغيرَةٌ مُعَدَّةٌ لذلكَ ـ لأنَّ ذلكَ ليسَ من السُّنَّةِ، وليسَ على هَيئَةِ الدَّفْنِ المَعهودِ شَرعاً.
ودَفْنُ أكثَرَ من مَيْتٍ في قَبْرٍ واحِدٍ فيهِ هَتْكُ حُرمَةِ الأوَّلِ وظُهورُ رائِحَتِهِ، إلا إذا بَلِيَتْ عِظامُ الأوَّلِ عِندَها لا حَرَجَ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |