السؤال :
لقد أكرمني الله تعالى ببنت، وبلغت سن الزواج، وكلما تقدم شاب من خطبتها ترفض الزواج رفضاً قطعياً، ولا أدري ماذا نفعل لإقناعها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6173
 2014-02-26

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فمن أجلِ حَلِّ مُشكِلَةِ ابنَتِكَ التي تَرفُضُ الزَّواجَ، لا بُدَّ من مَعرِفَةِ الأسبابِ التي دَفَعَتْها للعُزوفِ عن الزَّواجِ، لأنَّهُ إذا عُرِفَ السَّبَبُ سَهُلَت مُعَالَجَتُهُ بإذنِ الله تعالى.

لذلكَ أنصَحُكَ يا أخي الكَريم بالنَّصَائِحِ التَّالِيَةِ:

1ـ أن تَنظُرَ إلى عَلاقَتِكَ مَعَ زَوجَتِكَ هل هيَ عَلاقَةُ مَوَدَّةٍ ورَحمَةٍ واحتِرامٍ؟ وهل هيَ علاقَةُ وِفاقٍ وتَشاوُرٍ واحتِرامِ رَأيِ الآخَرينَ؟ أم على العَكسِ من ذلكَ تَماماً، لأنَّ الكَثيرَ من الفَتَياتِ تَرفُضُ الزَّواجَ بِسَبَبِ الشِّقاقِ القَائِمِ بَينَ أبيها وأُمِّها، وبِسَبَبِ جَورِ وظُلمِ الرَّجُلِ لِزَوجَتِهِ.

2ـ أن تَتَلَطَّفَ إلَيها وتَفتَحَ لها مَجالَ الحِوارِ، وأن تَسمَعَ رَأيَها، وأن تَدَعَها تَتَكَلَّمُ بِصَراحَةٍ بِدونِ خَوفٍ ولا تَرَدُّدٍ، لأنَّ الكَثيرَ من الفَتَياتِ لا تَجتَرِئُ أن تَكونَ صَريحَةً مَعَ أبيها وأُمِّها بِسَبَبِ القَمعِ وكَمِّ الأفواهِ، وبِسَبَبِ احتِقارِ رَأيِهِنَّ.

3ـ أن تُذَكِّرَها بِثِمارِ الزَّواجِ النَّافِعَةِ في الحَياةِ الدُّنيا والآخِرَةِ، من إعفافٍ للنَّفسِ عن الحَرامِ، ومن إنجابِ وَلَدٍ صَالِحٍ تَنتَفِعُ منهُ في حَياتِها الدُّنيا والآخِرَةِ، ومن تَربِيَةِ رِجالٍ ونِساءٍ يُبَلِّغونَ رِسالَةَ الله عزَّ وجلَّ، وأن تُذَكِّرَها بأنَّ الزَّواجَ من الفِطْرَةِ التي فَطَرَ اللهُ تعالى عِبادَهُ عَلَيها، حَيثُ جُعِلَ الرَّجُلُ بِطَبيعَتِهِ وفِطْرَتِهِ يَميلُ إلى المَرأَةِ، وكذلكَ المَرأَةُ تَميلُ إلى الرَّجُلِ.

4ـ أن تُعَلِّمَها بأنَّ الزَّواجَ من سُنَنِ الأنبِياءِ والمُرسَلينَ عَلَيهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ، لأنَّهُ سَبَبٌ لِغَضِّ البَصَرِ وحِفْظِ الفَرْجِ.

5ـ أن تُعَلِّمَها بأنَّ زَواجَ المَرأَةِ من الرَّجُلِ المُسلِمِ الصَّالِحِ عِزٌّ لها في الدُّنيا والآخِرَةِ، حَيثُ يُعينُها زَوجُها على الالتِزامِ بِقَولِ الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى﴾.

فَيَقومُ هوَ تُجاهَ زَوجَتِهِ بالنَّفَقَةِ عَلَيها من حَيث الطَّعامُ والشَّرابُ واللِّباسُ والسَّكَنُ إلى ما هُنالِكَ من الحَاجَاتِ، وإلا فهيَ سَوفَ تُعَرِّضُ نَفسَها لِتَأمينِ حَاجَاتِها، وهذا قد يَدفَعُها للاحتِكاكِ بالرِّجالِ، وأن تُعَرِّضَ نَفسَها للفِتنَةِ.

وبناء على ذلك:

فلا بُدَّ من مَعرِفَةِ الأسبابِ التي دَفَعَتْ ابنَتَكَ للعُزوفِ عن الزَّواجِ، حتَّى تَتَمَكَّنَ من إقناعِها بالزَّواجِ، وأن تُرَغِّبَها بالزَّواجِ من خِلالِ حُسنِ مُعاشَرَتِكَ لِزَوجَتِكَ، وأن تُذَكِّرَها بأنَّ النَّاسَ لَيسوا سَواءً في أخلاقِهِم، فلا تَجعَلِ المِقياسَ للزَّواجِ رِجالاً لم يَلتَزِموا دِينَ الله عزَّ وجلَّ.

وأكثِرْ من الدُّعاءِ لها بِظَهرِ الغَيبِ، لأنَّ قُلوبَ العِبادِ بَينَ أُصبُعَينِ من أصابِعِ الرَّحمنِ يُقَلِّبُها كَيفَ يَشاءُ. هذا، والله تعالى أعلم.