السؤال :
ما حكم صلاة الرجل إذا كان يستقبل وجه إنسان أثناء الصلاة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6217
 2014-03-25

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

روى الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَسْطَ السَّرِيرِ وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، تَكُونُ لِي الْحَاجَةُ، فَأَكْرَهُ أَنْ أَقُومَ فَأَسْتَقْبِلَهُ، فَأَنْسَلُّ انْسِلَالاً».

وجاءَ في رَدِّ المُحتارِ ـ في ذِكْرِ مَكروهاتِ الصَّلاةِ ـ: (قَوْلُهُ: وَصَلَاتُهُ إلَى وَجْهِ إنْسَانٍ) فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: وَكَرِهَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنْ يُسْتَقْبَلَ الرَّجُلُ وَهُوَ يُصَلِّي، وَحَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضُ عَنْ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَتَمَامُهُ فِي الْحِلْيَةِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَهُوَ مَحْمَلُ مَا رَوَاهُ الْبَزَّارُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلاً يُصَلِّي إلَى رَجُلٍ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ.

وَيَكُونُ الْأَمْرُ بِالْإِعَادَةِ لِإِزَالَةِ الْكَرَاهَةِ، لأَنَّهُ الْحُكْمُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَلَيْسَ لِلْفَسَادِ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ، لِمَا ذُكِرَ، وَلِمَا فِي الْحِلْيَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: إنْ كَانَ جَاهِلاً عَلَّمْتَهُ، وَإِنْ كَانَ عَالِماً أَدَّبْتَهُ.

وَلأَنَّهُ يُشْبِهُ عِبَادَةَ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ كَكَرَاهَةِ اسْتِقْبَالِهِ) الضَّمِيرُ لِلْمُصَلِّي، وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعِيداً وَلَا حَائِلَ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا ثَالِثٌ ظَهْرُهُ إلَى وَجْهِ الْمُصَلِّي لَا يُكْرَهُ لِانْتِفَاءِ سَبَبِ الْكَرَاهَةِ، وَهُوَ التَّشَبُّهُ بِعِبَادَةِ الصُّورَةِ. اهـ.

وبناء على ذلك:

فالصَّلاةُ إلى وَجْهِ إنسانٍ مَكروهَةٌ كَراهَةَ تَحريمٍ عِندَ جُمهورِ الفُقَهاءِ، إلا إذا كانَ بَينَ المُصَلِّي ووَجْهِ الإنسانِ رَجُلٌ آخَرٌ ظَهرُهُ للمُصَلِّي فلا كَراهَةَ في ذلكَ، كما لا كَراهَةَ في الصَّلاةِ وأمامَهُ نائِمٌ إذا كانَ يُصَلِّي حِذاءَ وسطِ السَّريرِ؛ وتَجدُرُ الإشارَةُ بأنَّهُ ما صَحَّ في الأحادِيثِ الشَّريفَةِ بأنَّهُ لا خَيرَ في وَجهٍ يُصَلَّى إلَيهِ. هذا، والله تعالى أعلم.