طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد جاءَ في كِتابِ حَياةِ الحَيَوانِ: عَن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلاً مِنْ وَرَاءِ النَّهْرِ مَعَهُ أَحَادِيثُ ثُلَاثِيَّةٌ، فَرَحَلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إلَيْهِ، فَوَجَدَ شَيْخاً يُطْعِمُ كَلْباً، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، ثُمَّ اشْتَغَلَ الشَّيْخُ بِإِطْعَامِ الْكَلْبِ، فَوَجَدَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي نَفْسِهِ إذْ أَقْبَلَ الشَّيْخُ عَلَى الْكَلْبِ وَلَمْ يُقْبِلْ عَلَيْهِ.
فَلَمَّا فَرَغَ الشَّيْخُ مِنْ طُعْمَةِ الْكَلْبِ الْتَفَتَ إلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَقَالَ لَهُ: كَأَنَّك وَجَدْت فِي نَفْسِك إذْ أَقْبَلْت عَلَى الْكَلْبِ وَلَمْ أُقْبِلْ عَلَيْك؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَطَعَ رَجَاءَ مَن ارْتَجَاهُ قَطَعَ اللهُ مِنْهُ رَجَاءَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَلَمْ يَلِج الْجَنَّةَ». وَأَرْضُنَا هَذِهِ لَيْسَتْ بِأَرْضِ كِلَابٍ، وَقَدْ قَصَدَنِي هَذَا الْكَلْبُ فَخِفْت أَنْ أَقْطَعَ رَجَاءَهُ.
فَقَالَ الْإِمَامُ: هَذَا الْحَدِيثُ يَكْفِينِي، ثُمَّ رَجَعَ.
وذَكَرَ الإمام العجلونيُّ في كِتابِهِ كَشف الخفا: عَزَاهُ بَعضُهُم لأحمَدَ عن أبي هُرَيرَةَ مَرفوعاً؛ لكن قال السَّخَاوِيُّ: هوَ مُختَلَقٌ على الإمامِ أحمَد.
وبناء على ذلك:
فهذا الحَديثُ باطِلٌ لا أصلَ لهُ، ولكن قد يَكونُ المَعنى صَحيحاً في حَقِّ من كانَ قادِراً على عَونِ أخيهِ ولم يُعِنْهُ، وذلكَ لِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «واللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |