طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: لَقَد وَقَعَ الزَّوجُ في مُخَالَفَةِ أَمرِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ القَائِل: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ».
فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟
قَالَ: «الْحَمْوُ الْمَوْتُ». رواهُ الإمامُ البُخاري عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما. والحَمُو هُوَ أَخُو الزَّوجِ وَأقارِبَهُ، واللهُ تعالى يَقُولُ: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.
ثانِيَاً: يَجِبُ على الإنسَانِ أن يَستُرَ نَفسَهُ إذَا وَقَعَ فِي مَعصِيَةٍ، وَأن لَا يُحَدِّثَ بِهَا، لقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئاً فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللهِ». رواهُ الإمَام مَالِك عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. و الْقَاذُورَات: يَعنِي المَعاصِي.
كَمَا أنَّهُ لَا يَجِبُ عَلى مَن ارتَكَبَ فَاحِشَةً أن يَذهَبَ إلَى القَاضِي ليُقِيمَ عَليهِ الحَدَّ، روى الإمَامُ البُخَاري عَن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ النَّاسِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَنَادَاهُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي زَنَيْتُ يُرِيدُ نَفْسَهُ.
فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِي أَعْرَضَ قِبَلَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي زَنَيْتُ.
فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَجَاءَ لِشِقِّ وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَعْرَضَ عَنْهُ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، دَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
فَقَالَ: «أَبِكَ جُنُونٌ»؟
قَالَ: لَا يَا رَسُولَ اللهِ.
فَقَالَ: «أَحْصَنْتَ»؟
قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ .
قَالَ: «اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ».
ثالثاً: كَمَا يَجِبُ عَلى مِثلِ مَن اطَّلَعَ على هَذا المُنكَرِ، أن يَنصَحَ للهِ تَعَالى، وأن يَأمُرَ بِالمَعرُوفِ، ويَنهَى عَنِ المُنكَرِ، وأن يَستُرَ بَعدَ ذَلِكَ، لِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ». رواه الإمام أَحمَد عن يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنهُما.
وبناء على ذلك:
فَلا يَجِبُ عَلى المَرأةِ أن تُخبِرَ زَوجَهَا بِمَا حَصَلَ بَينَهَا وبَينَ أخِيهِ، كَمَا يَجِبُ عَليهَا أن تَتُوبَ إلى اللهِ تَعالى تَوبَةً صَادِقَةً نَصُوحاً، وأن تَقطَعَ صِلَتَهَا مَعَ أَخي زَوجِهَا، ومَعَ كُلِّ رَجُلٍ أجنَبيٍّ، وأَن لَا تَتَحَدَّثَ لأَحَد بِهَذِهِ المَعصِيَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |