السؤال :
كيف يفهم الواحد منا قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6619
 2014-12-09

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: عِلْمُ اللهِ تعالى بالأَحدَاثِ والمَخْلُوقَاتِ لَيسَ كَعِلْمِنَا، فَنَحنُ نَعلَمُ مَا وَقَعَ، أو مَا هوَ وَاقِعٌ، أَمَّا مَا سَيَقَعُ فلا نَعلَمُهُ، أَمَّا رَبُّنَا عزَّ وجلَّ فالأَحدَاثُ والمَخْلُوقَاتُ كُلُّهَا سَوَاءٌ عِندَهُ، فالمَاضِي والحَاضِرُ والمُستَقبَلُ كُلُّهُ وَاحِدٌ، وكُلُّهُ مُشَاهَدٌ.

ثانياً: كَلِمَةُ ﴿قَدْ﴾ إذا دَخَلَتْ على أَفعَالِ اللهِ تعالى تُفِيدُ التَّحقِيقَ، وهذا كَثِيرٌ في القُرآنِ العَظِيمِ، كَقَولِهِ تعالى: ﴿قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ﴾. وقَولِهِ تعالى: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً﴾. وقَولِهِ تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ﴾. وقَولِهِ تعالى: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾. فَكُلُّ هذهِ الآيَاتِ فِيهَا تَحقِيقُ الفِعْلِ.

وبناء على ذلك:

 

فاللهُ تَبَارَكَ وتعالى لَهُ مُلْكُ جَمِيعِ السَّمَاوَاتِ والأَرضِ، ويَعلَمُ تَبَارَكَ وتعالى أَفعَالَ العِبَادِ وأَحوَالَهُم من طَاعَتِهِم إِيَّاهُ فِيمَا أَمَرَ ونَهَى، وهذا من الأُمُورِ المَعلُومَةِ من الدِّينِ بالضَّرُورَةِ، فاللهُ تعالى لا يَغِيبُ عَنهُ شَيءٌ، وهوَ يَعلَمُ الأَشيَاءَ قَبلَ وُجُودِهَا، وأَثنَاءَ وُجُودِهَا، وبَعدَ وُجُودِهَا، قال تعالى: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾. وقال تعالى: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾. وقال تعالى: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾. فاللهُ تعالى شَهِيدٌ على عِبَادِهِ بِمَا هُم فَاعِلُونَ من خَيرٍ أو شَرٍّ. هذا، والله تعالى أعلم.