طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد روى الإمام البخاري عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ قَالَ: «الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ، فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ كَيَّةٍ بِنَارٍ، وَأَنَا أَنْهَى أُمَّتِي عَن الْكَيِّ».
ونَصَّ الفُقَهَاءُ بِأَنَّ الأَصْلَ أَنَّ الرَّجُلَ يَحْجُمُ الرِّجَالَ، والمَرْأَةَ تَحْجُمُ النِّسَاءَ، إلا عِنْدَ ضَرُورَةٍ مُلِحَّةٍ، كَأَنْ لَمْ تُوجَد امْرَأَةٌ تَقُومُ بهذا العَمَلِ للنِّسَاءِ، وكَانَ المَرَضُ يُمَثِّلُ خَطَرَاً على الحَيَاةِ، أو يُخْشَى بِسَبَبِهِ ذَهَابُ عُضْوٍ أو حَاسَّةٍ، ولَمْ يُمْكِنْ تَأْخِيرُهُ حَتَّى تُوجَدَ المَرْأَةُ، أو يُسْتَطَاعَ الوُصُولُ إِلَيهَا، عِنْدَ ذلكَ لا حَرَجَ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى أَنْ يَحْجُمَ الرَّجُلُ المَرْأَةَ الأَجْنَبِيَّةَ.
وبناء على ذلك:
فالأَصْلُ أَنَّهُ لا يَجُوزُ للرَّجُلِ أَنْ يَحْجُمَ المَرْأَةَ الأَجْنَبِيَّةَ، إلا للضَّرُورَةِ القُصْوَى، وبِشَرْطِ أَنْ تَسْتُرَ المَرْأَةُ جَسَدَهَا جَيِّدَاً، مَعَ وُجُودِ مَحْرَمٍ لَهَا، وأَنْ يَكُونَ المُعَالِجُ أَمِينَاً صَاحِبَ دِينٍ.
ويَجِبُ الإِشَارَةُ هُنَا بِأَنَّ الحِجَامَةَ لَيْسَتْ سُنَّةً، بَل هيَ جَائِزَةٌ شَرْعَاً، وهيَ عِلاجٌ نَبَوِيٌّ لِمَنِ احْتَاجَ إِلَيهَا، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ ـ أَوْ هُوَ مِنْ أَمْثَلِ دَوَائِكُمْ ـ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
ولِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «خَيْرُ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. هذا، واللهُ تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |