طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: هذا الحَدِيثُ الشَّرِيفُ رواه الترمذي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ، فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللهِ» ثُمَّ قَرَأَ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾. أي: للمُتَفِرِّسِينَ. وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.
ثانياً: رَبُّنَا عزَّ وجلَّ قَالَ: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدَاً * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾. فَرَبُّنَا عزَّ وجلَّ إِنْ شَاءَ أَنْ يُطْلِعَ رَسُولَهُ أَو أَحَدَاً من أَوْلِيَائِهِ على بَعْضِ المُغَيَّبَاتِ المَاضِيَةِ أَو الحَاضِرَةِ أو المُسْتَقْبَلَةِ يُطْلِعُهُ، وإِنْ شَاءَ أَنْ لا يُطْلِعَهُ لِحِكْمَةٍ لا يُطْلِعُهُ.
ثالثاً: في أَوْقَاتِ البَلاءِ والشَّدَائِدِ قَد يَسْتُرُ اللهُ تعالى على أَوْلِيَائِهِ عُيُونَ الفَرَاسَةِ إِكْمَالاً للبَلاءِ.
فهذا سَيِّدُنَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمْ يَعْرِفِ المَلائِكَةَ حَيْثُ قَدَّمَ لَهُمُ العِجْلَ.
وهذا سَيِّدُنَا لُوطٌ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمْ يَعْرِفِ المَلائِكَةَ عِنْدَمَا دَخَلُوا عَلَيْهِ.
وهذا سَيِّدُنَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ لَمْ يَعْرِفْ مَلَكَ المَوْتِ عِنْدَمَا دَخَلَ عَلَيْهِ.
وبناء على ذلك:
فالفَرَاسَةُ ثَابِتَةٌ ولا شَكَّ فِيهَا، ولَكِنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِمَشِيئَةِ اللهِ تعالى، إِنْ شَاءَ كَشَفَ عَن عُيُونِهَا، وإِنْ شَاءَ سَتَرَ عُيُونَهَا إِكْمَالاً للابْتِلاءِ، وهذا مَا حَصَلَ مَعَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى قَالَ للسَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها: «يَا عَائِشَةُ، إِنْ كُنْتِ قَارَفْتِ سُوءَاً أَوْ ظَلَمْتِ فَتُوبِي إِلَى اللهِ، فَإِنَّ اللهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ مِنْ عِبَادِهِ» رواه الإمام البخاري. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |