طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَوْلُ اللهِ تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنَاً بَعْدَ سُوءٍ﴾. لَيْسَ هذا بِاسْتِثْنَاءٍ من المُرْسَلِينَ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ، لأَنَّهُ لا يَجُوزُ الظُّلْمُ عَلَيْهِمْ، بَلْ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ من المَتْرُوكِ في الكَلامِ.
مَعْنَاهُ: لا يَخَافُ لَدَيَّ المُرْسَلُونَ، إِنَّمَا الخَوْفُ على غَيْرِهِمْ من الظَّالِمِينَ، لذلكَ قَالَ: ﴿إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنَاً بَعْدَ سُوءٍ﴾. فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، فَمَن ظَلَمَ من سَائِرِ النَّاسِ فَإِنَّهُ يَخَافُ، فَإِنْ تَابَ وبَدَّلَ حُسْنَاً بَعْدَ سُوءٍ، فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، فَيَغْفِرُ اللهُ لَهُ، وَيُزِيلُ عَنْهُ الخَوْفَ.
وبناء على ذلك:
فالرُّسُلُ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ مَعْصُومُونَ، مَغْفُورٌ لَهُم، آمِنُونَ يَوْمَ القِيَامَةَ، أَمَّا سَائِرُ النَّاسِ فَمَن خَلَطَ عَمَلاً صَالِحاً وآخَرَ سَيِّئَاً فَهُوَ خَائِفٌ رَاجٍ.
وهذهِ رَحْمَةُ اللهِ تعالى بالتَّائِبِينَ، وَقَد ثَبَتَتْ في آيَاتٍ كَثِيرَةٍ من القُرْآنِ العَظِيمِ، مِنْهَا قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ اهْتَدَى﴾. وقَوْلُهُ تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءَاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورَاً رَحِيمَاً﴾. وقَوْلُهُ تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمَاً وَلَا هَضْمَاً﴾. هذا، واللهُ تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |