السؤال :
في قوله تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}. الضمير في قوله تعالى: {لَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ}. أين يرجع؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6994
 2015-09-02

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فاللهُ تعالى يُخْبِرُ أَنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ، ومَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وأَنَّهُ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى، ولا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ.

روى الإمام البخاري أَنَّ الْمُغِيرَةَ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ إِذَا سَلَّمَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ».

وروى الإمام مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِن الرُّكُوعِ قَالَ: «رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ».

فاللهُ تَبَارَكَ وتعالى أَنَّثَ الضَّمِيرَ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾. وذَكَّرَهُ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَلَا مُرْسِلَ لَهُ﴾.

فَفِي الأُولَى أَنَّثَهُ لِتَأْنِيثِ الرَّحْمَةِ، وتَرَكَ الأُخْرَى على الأَصْلِ من التَّذْكِيرِ ﴿مِنْ بَعْدِهِ﴾. أَي: من بَعْدِ إِمْسَاكِهِ.

وبناء على ذلك:

 

فالضَّمِيرُ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ﴾. رَاجِعٌ على الإِمْسَاكِ. هذا، واللهُ تعالى أعلم.