السؤال :
هل صحيح أن تلقين الميت بعد موتـه بدعـة لا يجوز؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 70
 2007-05-17

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالتَّلْقِينُ للمَيْتِ بَعْدَ دَفْنِهِ مَشْرُوعٌ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ» أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَالحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ، لِأَنَّ اللهَ تعالى يُحْيِيهِ في قَبْرِهِ حَيَاةً بَرْزَخِيَّةً لَا يَعْلَمُ حَقِيقَتَهَا إِلَّا اللهُ تعالى.

وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَوْدِيِّ قَالَ: شَهِدْتُ أَبَا أُمَامَةَ وَهُوَ فِي النَّزْعِ، فَقَالَ: إِذَا أَنَا مُتُّ، فَاصْنَعُوا بِي كَمَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ نصْنَعَ بِمَوْتَانَا، أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ إِخْوَانِكُمْ، فَسَوَّيْتُمِ التُّرَابَ عَلَى قَبْرِهِ، فَلْيَقُمْ أَحَدُكُمْ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْمَعُهُ وَلَا يُجِيبُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي قَاعِدًا، ثُمَّ يَقُولُ: يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: أَرْشِدْنَا رَحِمَكَ اللهُ، وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ؛ فَلْيَقُلْ: اذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّكَ رَضِيتَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا».

فَلَا يُنْهَى عَنِ التَّلْقِينِ بَعْدَ الدَّفْنِ، لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ، بَلْ فِيهِ نَفْعٌ، فَإِنَّ المَيْتَ يَسْتَأْنِسُ بِالذِّكْرِ وَبِإِخْوَانِهِ إِذَا وَقَفُوا عَلَى قَبْرِهِ بَعْدَ دَفْنِهِ، كَمَا جَاءَ في مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَصَحِيحِ مُسْلِمٍ، في قِصَّةِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، لَمَّا حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ قَالَ لِوَلَدِهِ: فَإِذَا دَفَنْتُمُونِي فَشُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا، ثُمَّ أَقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا، حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ، وَأَنْظُرَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي. هذا، والله تعالى أعلم.