طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾. هُوَ رَدٌّ على مَقَالَةِ اليَهُودِ والنَّصَارَى حَيْثُ ادَّعَوْا أَنَّهُم أَبْنَاءُ اللهِ تعالى وَأَحِبَّاؤُهُ، قَالَ تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَللهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْـمَصِيرُ﴾.
رَدَّ اللهُ تعالى على اليَهُودِ والنَّصَارَى في كَذِبِهِم وَافْتِرَائِهِم، حَيْثُ قَالُوا: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾. أَيْ: نَحْنُ المُنْتَسِبُونَ إلى أَنْبِيَائِهِ، وَهُم بَنُوهُ، وَلَهُ بِهِم عِنَايَةٌ، وَأَنَّهُ تعالى يُحِبُّهُم، فَرَدَّ اللهُ تعالى عَلَيْهِم: ﴿قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَللهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾.
فَالتَّعْذِيبُ والمَغْفِرَةُ بِيَدِ اللهِ تعالى وَحْدَهُ، فَاللهُ سُبْحَانَهُ وتعالى المَالِكُ المُتَصَرِّفُ في جَمِيعِ عِبَادِهِ بالمَغْفِرَةِ والعَذَابِ، فَعَالٌ لمَا يُرِيدُ، لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ، وَهُم يُسْأَلُونَ.
فَاللهُ تعالى يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ من أَهْلِ الإِيمَانِ بِهِ ذُنُوبَهُم، وَيَصْفَحُ عَنْهُم بِفَضْلِهِ، وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ من عِبَادِهِ الكَافِرِينَ العُصَاةِ وَيَفْضَحُهُم بِعَدْلِهِ.
وبناء على ذلك:
فَالضَّمِيرُ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿لِمَنْ يَشَاءُ﴾. هُوَ لِصَاحِبِ المَشِيئَةِ العُلْيَا القَائِلِ: ﴿وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |