طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فمن الأَحَادِيثِ المَوْضُوعَةِ، أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ سَيِّدُنَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَدَفَنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: قُلْ: اللهُ رَبِّي، وَرَسُولُ اللهِ أَبِي، وَالْإِسْلَامُ دِينِي.
فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْتَ تُلَقِّنُهُ، فَمَنْ يُلَقِّنُنَا؟
فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾.
وكَذَلِكَ رَوَاهُ البَعْضُ بِصِيغَةٍ ثَانِيَةٍ، أَنَّهُ لَمَّا دَفَنَ وَلَدَهُ إِبْرَاهِيمَ، وَقَفَ على قَبْرِهِ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، إنَّ الْقَلْبَ يَحْزَنُ، وَالْعَيْنَ تَدْمَعُ، وَلَا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ، إنَّا للهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ، يَا بُنَيَّ، قُلْ: اللهُ رَبِّي، وَالْإِسْلَامُ دِينِي، وَرَسُولُ اللهِ أَبِي.
فَبَكَتِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَمِنْهُمْ عُمَرُ، حَتَّى ارْتَفَعَ صَوْتُهُ، فَالْتَفَتَ إلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيك يَا عُمَرُ؟
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا وَلَدُك، وَمَا بَلَغَ الْحُلُمَ، وَلَا جَرَى عَلَيْهِ الْقَلَمُ، وَيَحْتَاجُ إلَى تَلْقِينِ مِثْلِك، تُلَقِّنُهُ التَّوْحِيدَ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ، فَمَا حَالُ عُمَرَ وَقَدْ بَلَغَ الْحُلُمَ وَجَرَى عَلَيْهِ الْقَلَمُ وَلَيْسَ لَهُ مُلَقِّنٌ مِثْلَكَ؟
فَبَكَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبَكَتِ الصَّحَابَةُ مَعَهُ، وَنَزَلَ جِبْرِيلُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾.
وبناء على ذلك:
فهذا من الكَذِبِ والافْتِرَاءِ على سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ومن الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ المَعْلُومَةِ بِأَنَّ الصَّبِيَّ لا يُلَقَّنُ.
وَعَلَيْهِ، فَكُلُّ مَن أَرْسَلَ هذا الحَدِيثَ، وَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يَتَدَارَكَ هذا الأَمْرَ بالتَّكْذِيبِ، وَأَنْ يُرْسِلَ إلى مَن أَرْسَلَهُ إِلَيْهِ، وَيَجِبُ عَلَى الجَمِيعِ أَنْ يُعَمِّمُوا ذَلِكَ إِذَا وَصَلَ إِلَيْهِم. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |