السؤال :
سؤال: قريب لي مصاب بمرض السرطان، وحالته الصحية تتدهور، ويطلب نصيحة وهو في تلك الحالة، فما هي النصيحة التي تُقَدَّمُ له؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7132
 2016-01-06

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: أَنْ لا يَيْأَسَ من رَحْمَةِ اللهِ تعالى، فاللهُ تعالى على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، قَالَ تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمَاً قَدِيرَاً﴾.

ثانياً: أَنْ يَتَفَاءَلَ وَأَنْ لا يَتَشَاءَمَ، فهذا المَرَضُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ تَكْفِيرَاً لِسَيِّئَاتِهِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ، وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ، وَلَا حُزْنٍ، وَلَا أَذَىً، وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةَ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ رَفْعَاً في دَرَجَاتِهِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سَبَقَتْ لِلْعَبْدِ مِن اللهِ مَنْزِلَةٌ لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ ابْتَلَاهُ اللهُ فِي جَسَدِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي وَلَدِهِ ثُمَّ صَبَّرَهُ حَتَّى يُبْلِغَهُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي سَبَقَتْ لَهُ مِنْهُ» رواه الإمام أحمد عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَكَانَ لِجَدِّهِ صُحْبَةٌ.

ثالثاً: أَنْ يَكْتُبَ وَصِيَّةً، وَخَاصَّةً فِيمَا يَتَعَلَّقُ بالحُقُوقِ التي عَلَيْهِ، ثمَّ التي لَهُ، وَأَنْ يُوصِيَ بِشَيْءٍ من مَالِهِ لِجِهَةٍ خَيْرِيَّةٍ، أَو لِفُقَرَاءَ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

رابعاً: أَنْ يَشْتَغلَ بِكَثْرَةِ ذِكْرِ: لا إِلَهَ إلا اللهُ، أو بالصَّلاةِ والسَّلامِ على سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

خامساً: لِيَسْمَعْ وَصِيَّةَ الإِمَامِ النَّوَوِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى، كَمَا جَاءَ في المَجْمُوعِ:

يَنْبَغِي للمَرِيضِ أَنْ يَحْرِصَ على تَحْسِينِ خُلُقِهِ، وَأَنْ يَجْتَنِبَ المُخَاصَمَةَ والمُنَازَعَةَ في أُمُورِ الدُّنْيَا، وَأَنْ يَسْتَحْضِرَ في ذِهْنِهِ أَنَّ هذا آخِرُ أَوْقَاتِهِ في دَارِ الأَعْمَالِ، فَيَخْتِمَهَا بِخَيْرٍ، وَأَنْ يَسْتَحِلَّ زَوْجَتَهُ وَأَوْلَادَهُ وَسَائِرَ أَهْلِهِ وَغِلْمَانِهِ وَجِيرَانِهِ وَأَصْدِقَائِهِ، وَكُلَّ مَن كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُعَامَلَةٌ أَو مُصَاحَبَةٌ أَو تَعَلُّقٌ وَيُرْضِيَهُم، وَأَنْ يَتَعَاهَدَ نَفْسَهُ بِقِرَاءَةِ القُرْآنِ والذِّكْرِ وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ وَأَحْوَالِهِم عِنْدَ المَوْتِ، وَأَنْ يُحَافِظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ، وَاجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ، وَغَيْرِهِمَا من وَظَائِفِ الدِّينِ، ولا يَقْبَلَ قَوْلَ مَن يُخْذِلُهُ عن ذَلِكَ، فَإِنَّ هذا مِمَّا يُبْتَلَى بِهِ، وهذا المُخْذِلُ هُوَ الصَّدِيقُ الجَاهِلُ، العَدُوُّ الخَفِيُّ، وَأَنْ يُوصِيَ أَهْلَهُ بالصَّبْرِ عَلَيْهِ، وَبِتَرْكِ النَّوْحِ عَلَيْهِ، وَكَذَا إِكْثَارِ البُكَاءِ، وَيُوصِيَهُم بِتَرْكِ مَا جَرَتِ العَادَةُ بِهِ من البِدَعِ في الجَنَائِزِ، وَيَتَعَاهَدَهُم بالدُّعَاءِ لَهُ. هذا، والله تعالى أعلم.