طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَقُولُ المُفَسِّرُ الكَبِيرُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى عِنْدَ هذهِ الآيَةِ: وَشَمَلَتْ كَلْبَهُم بَرَكَتُهُم، فَأَصَابَهُ مَا أَصَابَهُم من النَّوْمِ على تِلْكَ الحَالِ؛ وهذهِ فَائِدَةُ صُحْبَةِ الأَخْيَارِ، فَإِنَّهُ صَارَ لِهَذَا الكَلْبِ ذِكْرٌ وَخَبَرٌ وَشَأْنٌ. اهـ.
وهذهِ إِشَارَةٌ وَاضِحَةٌ لِأَهَمِّيَّةِ الصُّحْبَةِ، وَقَد أَكَّدَهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلَاً سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَن السَّاعَةِ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟
قَالَ: «وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟».
قَالَ: لَا شَيْءَ، إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
فَقَالَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ».
وبناء على ذلك:
فَذِكْرُ الكَلْبِ في قِصَّةِ أَهْلِ الكَهْفِ دَرْسٌ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ أَهْلُ الإِشَارَةِ والفَهْمِ على أَهَمِّيَّةِ الصُّحْبَةِ الصَّالِحَةِ، وَأَنْ يَكُونَ الإِنْسَانُ على حَذَرٍ من صُحْبَةِ الأَشْرَارِ، قَالَ تعالى: ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾. وقَالَ تعالى: ﴿قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابَاً وَعِظَامَاً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |