الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَد أَوْرَدَ الخَرَائِطِيُّ في مَسَاوِئِ الأَخْلاقِ عَن أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كَانَتِ العَرَبُ يَخْدِمُ بَعْضُهُم بَعْضَاً في الأَسْفَارِ، وَكَانَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَجُلٌ يَخْدِمُهُمَا، فَنَامَ، وَاسْتَيْقَظَا وَلَمْ يُهَيِّئْ طَعَامَاً.

فَقَالَا: إِنَّ هَذَا لَنَؤُومٌ بَيْنَكُم؛ فَأَيْقَظَاهُ فَقَالَا: ائْتِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقُلْ لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يُقْرِآنِكَ السَّلامَ، وَهُمَا يَسْتَأْدِمَانِكَ.

فَأَتَاهُ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَخْبِرْهُمَا أَنَّهُمَا قَد ائْتَدَمَا».

فَفَزِعَا، فَجَاءَا إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللهِ، بَعَثْنَا نَسْتَأْدِمُكَ، فَقُلْتَ: ائْتَدَمَا، فَبِأَيِّ شَيْءٍ ائْتَدَمْنَا؟

فَقَالَ: «بِأَكْلِكُمَا لَحْمَ أَخِيكُمَا، إِنِّي لَأَرَى لَحْمَهُ بَيْنَ ثَنَايَاكُم».

فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَاسْتَغْفِرْ لَنَا.

قَالَ: «هُوَ، فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمَا».

وَمَا صَحَّ هَذَا الحَدِيثُ في كُتُبِ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ.

وبناء على ذلك:

فَالحَدِيثُ لا أَصْلَ لَهُ؛ وَلَكِنَّ الغِيبَةَ حَرَامٌ، وَمُسْتَمِعُ الغِيبَةِ كَالمُغْتَابِ إِذَا لَمْ يُنْكِرْ، وَإِذَا قِيلَ عَن إِنْسَانٍ إِنَّهُ نَؤُومٌ، وَهُوَ لا يَرْضَى بِذَلِكَ، فَهِيَ غِيبَةٌ، وَحَرَامٌ شَرْعَاً. هذا، والله تعالى أعلم.