طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَد روى ابْنُ الجَوْزِيِّ عَن أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَن حَفِظَ على أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثَاً فِيمَا يَضُرُّهُم وَيَنْفَعُهُم من أَمْرِ دِينِهِم حَشَرَهُ اللهُ تعالى يَوْمَ القِيَامَةِ فَقِيهَاً».
وروى البَيْهَقِيُّ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَن حَفِظَ على أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثَاً فِيمَا يَنْفَعُهُم من أَمْرِ دِينِهِم بُعِثَ يَوْمَ القِيَامَةِ من العُلَمَاءِ».
وروى أَبُو نُعَيْمٍ في الحِلْيَةِ وابْنُ الجَوْزِيِّ عَن أَبِي مَسْعُودٍ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَن حَفِظَ على أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثَاً يَنْفَعُهُمُ اللهُ تعالى بِهَا، قِيلَ لَهُ: ادْخُلْ من أَيِّ أَبْوَابِ الجَنَّةِ شِئْتَ».
وروى ابْنُ الجَوْزِيِّ عَن عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَن حَفِظَ على أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثَاً يَنْتَفِعُونَ بِهَا بَعَثَهُ اللهُ تعالى يَوْمَ القِيَامَةِ فَقِيهَاً عَالِمَاً».
وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، وَلَكِنْ يُعْمَلُ بِهَا في فَضَائِلِ الأَعْمَالِ، رَجَاءَ الأَجْرِ والثَّوَابِ من عِنْدِ اللهِ تعالى.
وَمَعْنَى: «حَفِظَ على أُمَّتِي» يَعْنِي: نَقَلَهَا إلى الأُمَّةِ، أَمَّا لَو حَفِظَهَا عَن ظَهْرِ قَلْبٍ وَلَمْ يَنْقُلْهَا فَيُحْتَمَلُ دُخُولُهُ في هَذَا الوَعْدِ لِأَنَّهُ من الأُمَّةِ، وَقَد حَفِظَهَا لِنَفْسِهِ، ولا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ نَقَلَهَا لِكُلِّ الأُمَّةِ، ولا شَكَّ بِأَنَّ مَن نَقَلَهَا لِبَعْضِ الأُمَّةِ أَو لِأَكْثَرِهَا فَهَذَا أَفْضَلُ بِلا رَيْبٍ، لِعُمُومِ نَفْعهِ.
وبناء على ذلك:
فَالحَدِيثُ ضَعِيفٌ، وَلَكِنْ فِيهِ تَرْغِيبٌ لِحِفْظِ الأَحَادِيثِ الشَّرِيفَةِ، وَلِنَقْلِهَا للأُمَّةِ، مَعَ بَيَانِ مَرْتَبَةِ الحَدِيثِ، وَلْيَكُنِ النَّاقِلُ على حَذَرٍ من نَقْلِ الأَحَادِيثِ المَوْضُوعَةِ بِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ وَضْعَهَا.
وَيُؤَيِّدُ هذا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثَاً فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ» رواه أبو داود عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً» رواه الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو رَضِيَ اللهُ عَنهُما. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |