طباعة |
الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ روى الإمام البخاري عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ».
وَمَعْنَاهُ: لَا يَجُوزُ مَدْحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى حَدِّ الإِطْرَاءِ، وَذَلِكَ بِوَصْفِهِ بِمَا لَيْسَ فِيهِ مِنَ الصِّفَاتِ، كَمَا وَصَفَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ بِمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ، فَنَسَبُوهُ إلى أَنَّهُ ابْنُ اللهِ، فَكَفَرُوا بِذَلِكَ وَضَلُّوا، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ رَفَعَ امْرَأً فَوْقَ حَدِّهِ، وَتَجَاوَزَ مِقْدَارَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَمُعْتَدٍ آثِمٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَو جَازَ في أَحَدٍ لَكَانَ أَوْلَى الخَلْقِ بِذَلِكَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
وبناء على ذلك:
فَقَدْ دَأَبَ العُلَمَاءُ على مَدْحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِعَظِيمِ قَدْرِهِ عِنْدَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْزِلَتِهِ، وَمَا خَصَّهُ اللهُ تعالى بِهِ في الدَّارَيْنِ مِنْ كَرَامَتِهِ.
وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَكْرَمُ الـبَشَرِ، وَسَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَأَفْضَلُ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللهِ تعالى، وَأَعْلَاهُمْ قَدْرَاً وَدَرَجَةً، وَأَقْرَبُهُم زُلْفَى.
وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ، كَمَا فَعَلَتِ النَّصَارَى بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |