طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ﴾: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ المُرَادُ مِنْهُ الرَّافِعَ، أَوْ أَنْ يَكُونَ المُرَادُ مِنْهُ المُرْتَفِعَ.
فَإِذَا قُلْنَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ﴾: المَقْصُودُ: الرَّافِعُ؛ فَيَكُونُ المَعْنَى أَنَّهُ تَبَارَكَ وتعالى يَرْفَعُ دَرَجَاتِ الأَنْبِيَاءِ وَالأَوْلِيَاءِ في الجَنَّةِ، وَيَرْفَعُ دَرَجَاتِ أَصْحَابِ الأَخْلَاقِ الفَاضِلَةِ، وَيَرْفَعُ العُلَمَاءَ على غَيْرِهِمْ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ واللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾.
وَيَرْفَعُ دَرَجَاتِ النَّاسِ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا في الخَلْقِ وَفي الرِّزْقِ وَالأَجَلِ، قَالَ تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
وَأَمَّا إِذَا قُلْنَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ﴾: المَقْصُودُ: المُرْتَفِعُ؛ فَيَكُونُ المَعْنَى: اللهُ تَبَارَكَ وتعالى أَرْفَعُ المَوْجُودَاتِ في جَمِيعِ صِفَاتِ الكَمَالِ وَالجَلَالِ، فَهُوَ وَاجِبُ الوُجُودِ لِذَاتِهِ، وَمَا سِوَاهُ مُمْكِنُ الوُجُودِ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ، قَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |