السؤال :
ما حكم التورية؟ يسألني أحدهم: هل أنت صائم، فأقول: لا؛ أقصد بذلك أني لست صائماً عن الكلام؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8046
 2017-05-14

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالتَّوْرِيَةُ هِيَ أَنْ تُطْلِقَ لَفْظَاً ظَاهِرَاً في مَعْنَىً تُرِيدُ بِهِ مَعْنَىً آخَرَ، يَتَنَاوَلُهُ ذَلِكَ اللَّفْظُ، وَلَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِهِ.

وَأَصْلُ التَّوْرِيَةِ السَّتْرُ، وَالتَّعرِيضُ خِلَافُ التَّصْرِيحِ.

روى الإمام البخاري في صَحِيحِهِ بَابَاً بِعُنْوَانٍ: بَابٌ: المَعَارِيضُ مَنْدُوحَةٌ عَنِ الكَذِبِ (سَعَةٌ يَسْتَغْنِي بِهَا المُسْلِمُ عَنِ الاضْطِرَارِ إلى الكَذِبِ).

وروى الإمام البخاري في الأَدَبِ المُفْرَدِ عَنْ قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ مُطَرِّفَاً قَالَ: صَحِبْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَقَلَّ مَنْزِلٌ يَنْزِلُهُ إِلَّا وَهُوَ يُنْشِدُنِي شِعْرَاً، وَقَالَ: إِنَّ فِي المَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةٌ عَنِ الْكَذِبِ.

وَيَقُولُ سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَمَا فِي المَعَارِيضِ مَا يَكْفِي المُسْلِمَ مِنَ الْكَذِبِ. رواه الإمام البخاري في الأَدَبِ المُفْرَدِ.

وَالتَّوْرِيَةُ تُعَدُّ مِنَ الحُلُولِ الشَّرْعِيَّةِ إِذَا دَعَتِ الحَاجَةُ إلى ذَلِكَ، أَو المَصْلَحَةُ الـشَّرْعِيَّةُ لَهَا، يَقُولُ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: قَالَ العُلَمَاءُ: فَإِنْ دَعَتْ إلى ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ شَرْعِيَّةٌ رَاجِحَةٌ عَلَى خِدَاعِ المُخَاطَبِ، أَو دَعَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ لَا مَنْدُوحَةَ عَنْهَا إِلَّا بِالكَذِبَ، فَلَا بَأْسَ بِالتَّعْرِيضِ، فَإِنْ لَمْ تَدْعُ إِلَيْهِ مَصْلَحَةٌ وَلَا حَاجَةٌ، فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَلَيْسَ بِحَرَامٍ، فَإِنْ تَوَصَّلَ بِهِ إلى أَخْذِ بَاطِلٍ أَو دَفْعِ حَقٍّ فَيَصِيرُ حِينَئِذٍ حَرَامَاً، وَهَذَا ضَابِطُ البَابِ.

وبناء على ذلك:

فَلَا حَرَجَ في هَذِهِ التَّوْرِيَةِ إِذَا كُنْتَ تَخْشَى عَلَى نَفْسِكَ مِنَ الرِّيَاءِ في الصِّيَامِ.

وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ نَعْلَمَ بِأَنَّ التَّوْرِيَةَ إِذَا كَانَ فِيهَا ضَيَاعُ حَقٍّ، أَو ظُلْمٌ لِأَحَدٍ، أَو إِثْبَاتُ بَاطِلٍ، فَهِيَ حَرَامٌ شَرْعَاً بِالإِجْمَاعِ. هذا، والله تعالى أعلم.