طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ ذَكَرَ الفُقَهَاءُ أَنَّ الكَفَّارَاتِ مُتَنَوِّعَةٌ، فَهُنَاكَ كَفَّارَةٌ بِإِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينَاً، كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَالجِمَاعِ في نَهَارِ رَمَضَانَ عَامِدَاً، وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ ضَبْطِ العَدَدِ سِتِّينَ مِسْكِينَاً، أَو إِطْعَامِ مِسْكِينٍ وَاحِدٍ سِتِّينَ يَوْمَاً.
وَهُنَاكَ كَفَّارَةٌ بِإِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، كَمَا في كَفَّارَةِ اليَمِينِ ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَـشَرَةِ مَسَاكِينَ﴾. وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ ضَبْطِ العَدَدِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، أَوْ إِطْعَامِ مِسْكِينٍ وَاحِدٍ عَشَرَةَ أَيَّامٍ.
وَهُنَاكَ كَفَّارَةٌ بِإِطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، كَمَنْ فَعَلَ مَحْظُورَاً مِنْ مَحْظورَاتِ الإِحْرَامِ، فَكَفَّارَتُهُ ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾.
روى الشيخان عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَى عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ، وَالقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ: «أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟».
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: «فَاحْلِقْ، وَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوْ انْسُكْ نَسِيكَةً».
قَالَ أَيُّوبُ: لَا أَدْرِي بِأَيِّ هَذَا بَدَأَ.
فَلَا بُدَّ مِنْ ضَبْطِ العَدَدِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، أَو إِطْعَامِ مِسْكِينٍ وَاحِدٍ سِتَّةَ أَيَامٍ.
وَهُنَاكَ كَفَّارَةٌ بِإِطْعَامِ مِسْكِينٍ وَاحِدٍ، كَمَا في المَرِيضِ الذي يُجهِدُهُ الصَّوْمُ، وَلَا يَسْتَطِيعُ القَضَاءَ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾.
وبناء على ذلك:
فَلَا بُدَّ مِنْ ضَبْطِ عَدَدِ المَسَاكِينِ في كُلِّ كَفَّارَةٍ مِنَ الكَفَّارَاتِ، أَو إِعْطَاءِ الكَفَّارَةِ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ بِعَدَدِ الأَيَّامِ.
أَمَّا بِالنِّسبَةِ لِكَفَّارَةِ العَاجِزِ عَنِ الصِّيَامِ فَلَا حَرَجَ في جَمْعِهَا وَدَفْعِهَا لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |