طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ حَضَّ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ عَلَى العَفْوِ عَمَّنْ أَسَاءَ، فَقَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
وَقَالَ تعالى: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ﴾. أَيْ يَكُونُ ذَلِكَ العَفْوُ كَفَّارَةً لِذُنُوبِ العَبْدِ العَاصِي؛ هَذَا في حَقِّ الإِسَاءَةِ عَمْدَاً، فَالخَطَأُ مِنْ بَابِ أَوْلَى.
وبناء على ذلك:
فَالمُسَاءُ إِلَيْهِ هُوَ بَيْنَ ثَلَاثَةِ خِيَارَاتٍ:
الأَوَّلُ: العَفْوُ وَالصَّفْحُ لِيَنَالَ دَرَجَةَ المُتَّقِينَ وَأَجْرَهُمْ، قَالَ تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
الثَّانِي: الإِمْسَاكُ عَنِ العَفْوِ وَالصَّفْحِ لِيَلْقَى المُذْنِبُ رَبَّهُ بِمَا اقْتَرَفَ مِنَ الإِثْمِ.
الثَّالِثُ: القِصَاصُ في إِسَاءَةِ العَمْدِ، أَو الصُّلْحُ عَلَيْهَا، وفي إِسَاءَةِ الخَطَأِ الدِّيَةُ.
وَمَنْ أَخَذَ مَالَاً مُقَابِلَ الخَطَأِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ أَنَّهُ بَاعَ مُصِيبَتَهُ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |