طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ رَوَى الإمام أحمد عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَارَ مِنْهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ أَدْرَاعَاً، فَقَالَ: أَغَصْبَاً يَا مُحَمَّدُ؟
قَالَ: «بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ».
قَالَ: فَضَاعَ بَعْضُهَا.
فَعَرَضَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُضَمِّنَهَا لَهُ.
قَالَ: أَنَا الْيَوْمَ يَا رَسُولَ اللهِ فِي الْإِسْلَامِ أَرْغَبُ.
وفي رِوَايَةٍ للحاكم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَارَ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ أَدْرُعَاً وَسِنَانَاً فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ.
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَعَارِيَةٌ مُؤَدَّاةٌ؟
قَالَ: «عَارِيَةٌ مُؤَدَّاةٌ».
وروى الحاكم وأبو داود والترمذي عَنْ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ».
وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الفُقَهَاءِ في أَنَّ العَارِيَةَ إِنْ تَلِفَتْ بِالتَّعَدِّي مِنَ المُسْتَعِيرِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا.
وَأَمَّا إِذَا هَلَكَتْ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ، فَاخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ في ذَلِكَ، فَعِنْدَ الحَنَفِيَّةِ لَا يَضْمَنُ إِلَّا بِالتَّعَدِِّي.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالحَنَابِلَةِ يَضْمَنُ المُسْتَعِيرُ بِهَلَاكِ الشَّيْءِ المُعَارِ، وَلَو هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، أَو أَتْلَفَهَا غَيْرُهُ، وَلَو بِلَا تَقْصِيرٍ.
وبناء على ذلك:
فَإِذَا أَرَدْتَ ضَمَانَ العَارِيَةِ، فَاشْتَرِطْ عَلَى المُسْتَعِيرِ أَنَّهَا عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ مُؤَدَّاةٌ مَهْمَا كَانَتِ الأَسْبَابُ، فَإِنْ وَافَقَ عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ ضَامِنَاً لَهَا وَإِنْ هَلَكَتْ بِسَبَبٍ قَاهِرٍ، أَو سُرِقَتْ، أَو ضَاعَتْ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ». «عَارِيَةٌ مُؤَدَّاةٌ». هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |