السؤال :
هل يجوز للمرأة أن تلبس الفيزون، وتظهر به أمام أبنائها، أو بناتها، أو أخواتها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8361
 2017-10-16

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَمِنْ شُرُوطِ لِبَاسِ المَرْأَةِ أَنْ يَكُونَ لِبَاسُهَا وَاسِعَاً سَمِيكَاً، وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَلْبَسَ الثِّيَابَ الضَّيِّقَةَ أَو الشَّفَّافَةَ التي تَصِفُ عَوْرَةَ المَرْأَةِ؛ وَعَوْرَةُ المَرْأَةِ أَمَامَ النِّسَاءِ المُسْلِمَاتِ مِنْ بَنَاتِهَا وَأَخَوَاتِهَا وَغَيْرِهِنَّ مِنَ السُّرَّةِ إلى الرُّكْبَةِ.

فَإِذَا لَبِسَتِ المَرْأَةُ الفيزون أَمَامَ بَنَاتِهَا أَو أَبْنَائِهَا أَو إِخْوَتِهَا وَأَخَوَاتِهَا،  انْطَبَقَ عَلَيْهَا وَصْفُ الكَاسِيَاتِ العَارِيَاتِ اللَّوَاتِي قَالَ فِيهِنَّ سَيِّدُ الوُجُودِ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَـضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ المَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَقَالَ فِيهِنَّ: «الْعَنُوهُنَّ، فَإِنَّهُنَّ مَلْعُونَاتٌ» رواه الإمام أحمد والحاكم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وبناء على ذلك:

فَإِنَّ الغَايَةَ مِنَ الثِّيَابِ سَتْرُ العَوْرَةِ، وَدَفْعُ الفِتْنَةِ، وَعَدَمُ التَّشَبُّهِ بِالفَاسِقَاتِ الفَاجِرَاتِ أَهْلِ النَّارِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِالثِّيَابِ الفَضْفَاضَةِ الوَاسِعَةِ.

أَمَّا الثِّيَابُ التي تَصِفُ عَوْرَةَ المَرْأَةِ، وَتُجَسِّمُهَا، فَهِيَ حَرَامٌ وَكَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، وَدَعْوَةٌ للفَسَادِ وَالإِفْسَادِ، وَلُبْسُ الفيزونِ وَالظُّهُورُ بِهِ أَمَامَ البَنَاتِ وَالأَخَوَاتِ وَالأَقَارِبِ لَا يَجُوزُ، وَلْتَذْكُرِ المَرْأَةُ حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْحَيَاءُ وَالْإِيمَانُ قُرِنَا جَمِيعَاً، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الْآخَرُ» رواه الحاكم والبخاري في الأدب المفرد عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَفِي الخِتَامِ أُذَكِّرُ نِسَاءَ هَذِهِ الأُمَّةِ بِمَوْقِفٍ مِنْ مَوَاقِفِ أُمِّنَا السَّيِّدَةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

روى البيهقي عَنْ أُمِّ جَعْفَرٍ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: «يَا أَسْمَاءُ، إِنِّي قَدِ اسْتَقْبَحْتُ مَا يُصْنَعُ بِالنِّسَاءِ، إِنَّهُ يُطْرَحُ عَلَى المَرْأَةِ الثَّوْبُ فَيَصِفُهَا.

فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: يَا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَلَا أُرِيكِ شَيْئَاً رَأَيْتُهُ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَدَعَتْ بِجَرَائِدَ رَطْبَةٍ فَحَنَّتْهَا، ثُمَّ طَرَحَتْ عَلَيْهَا ثَوْبَاً.

فَقَالَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: مَا أَحْسَنَ هَذَا وَأَجْمَلَهُ، يُعْرَفُ بِهِ الرَّجُلُ مِنَ المَرْأَةِ، فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَاغْسِلِينِي أَنْتِ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَلَا تُدْخِلِي عَلَيَّ أَحَدَاً.

فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا جَاءَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا تَدْخُلُ، فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: لَا تَدْخُلِي.

فَشَكَتْ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَتْ: إِنَّ هَذِهِ الْخَثْعَمِيَّةَ تَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ جَعَلَتْ لَهَا مِثْلَ هَوْدَجِ الْعَرُوسِ.

فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَوَقَفَ عَلَى الْبَابِ، وَقَالَ: يَا أَسْمَاءُ، مَا حَمَلَكِ أَنْ مَنَعْتِ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلْنَ عَلَى ابْنَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلْتِ لَهَا مِثْلَ هَوْدَجِ الْعَرُوسِ.

فَقَالَتْ: أَمَرَتْنِي أَنْ لَا تُدْخِلِي عَلَيَّ أَحَدَاً، وَأَرَيْتُهَا هَذَا الَّذِي صَنَعْتُ وَهِيَ حَيَّةٌ، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أَصْنَعَ ذَلِكَ لَهَا.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فَاصْنَعِي مَا أَمَرَتْكِ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَغَسَّلَهَا عَلِيٌّ، وَأَسْمَاءُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. هذا، والله تعالى أعلم.