طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ رَوَى الشيخان عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ: «أَمَا إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَـمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ».
قَالَ: فَدَعَا بِعَسِيبٍ رَطْبٍ (غُصْنٌ مِنَ النَّخْلِ) فَشَقَّهُ بِاثْنَيْنِ، ثُمَّ غَرَسَ عَلَى هَذَا وَاحِدَاً، وَعَلَى هَذَا وَاحِدَاً؛ ثُمَّ قَالَ: «لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا».
وروى الدارقطني عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «تَنَزَّهُوا مِنَ الْبَوْلِ، فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ».
وَاتَّفَقَ جَمِيعُ الفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِ المَذَاهِبِ عَلَى أَنَّ المُحْدِثَ إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ انْقِطَاعِ الخَارِجِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ، وَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ، يَجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَتُهَا، بَعْدَ الاسْتِبْرَاءِ مِنَ البَوْلِ.
وبناء على ذلك:
فَعَلَى المُسْلِمِ أَنْ يَنْتَظِرَ قَلِيلَاً عَلَى نَفْسِهِ بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ، حَتَّى إِذَا أَحَسَّ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ في المَخْرَجِ، اسْتَنْجَى ثُمَّ انْصَرَفَ للوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ.
وَعَلَيْهِ أَنْ لَا يُكْثِرَ التَّفَكُّرَ في الاسْتِبْرَاءِ، فَيُوَسْوِسَ، وَيَشُقُّ عَلَيْهِ الأَمْرُ.
فَلَا إِفْرَاطَ وَلَا تَفْرِيطَ، لَا تُهْمِلْ حَتَّى لَا تَقَعَ تَحْتَ الوَعِيدِ، وَلَا تُوَسْوِسْ حَتَّى لَا تَشُقَّ عَلَيْكَ الأَمْرَ.
وَمَنِ ابْتُلِيَ بِالوَسْوَسَةِ في ذَلِكَ، فَلْيَنْضَحِ المَاءَ عَلَى فَرْجِهِ لِطَرْدِ الوَسْوَسَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |