السؤال :
هل يجوز أخذ الأجرة على تعليم القرآن الكريم؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8748
 2018-03-18

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ رَوَى الإمام البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ نَفَرَاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَرُّوا بِمَاءٍ، فِيهِمْ لَدِيغٌ أَوْ سَلِيمٌ، فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ المَاءِ، فَقَالَ: هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ، إِنَّ فِي المَاءِ رَجُلَاً لَدِيغَاً أَوْ سَلِيمَاً، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى شَاءٍ، فَبَرَأَ، فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَقَالُوا: أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللهِ أَجْرَاً؟

حَتَّى قَدِمُوا المَدِينَةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللهِ أَجْرَاً.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرَاً كِتَابُ اللهِ».

وَهَذَا الحَدِيثُ الشَّرِيفُ وَإِنْ كَانَ سَبَبُهُ هُوَ الرُّقْيَةَ، إِلَّا أَنَّ اللَّفْظَ هُنَا عَامٌّ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرَاً كِتَابُ اللهِ». وَالعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ، لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ.

وَرَوَى البَيْهَقِيُّ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: سَأَلْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ قُرَّةَ عَنْ أَجْرِ المُعَلِّمِ.

قَالَ: أَرَى لَهُ أَجْرَاً.

قَالَ شُعْبَةُ: وَسَأَلْتُ الْحَكَمَ، فَقَالَ: لَمْ أَسْمَعْ أَحَدَاً يَكْرَهُهُ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّرْجَمَةِ: وَقَالَ الْحَكَمُ: لَمْ أَسْمَعْ أَحَدَاً كَرِهَ أَجْرَ المُعَلِّمِ.

قَالَ: وَلَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ بِأَجْرِ المُعَلِّمِ بَأْسَاً.

قَالَ الشَّيْخُ: وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ وَأَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَرَيَانِ بِتَعْلِيمِ الْغِلْمَانِ بِالْأَجْرِ بَأْسَاً.

وبناء على ذلك:

فَقَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُ الفُقَهَاءِ إلى جَوَازِ أَخْذِ الأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ القُرْآنِ الكَرِيمِ، وَإِنْ كَانَ الأَوْلَى عَدَمُ أَخْذِ الأُجْرَةِ مِنَ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ أَخَذَ المُعَلِّمُ الأَجْرَ عَلَى تَعْلِيمِ القُرْآنِ الكَرِيمِ، عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُرَاقِبَاً نِيَّتَهُ، وَأَنْ يَجْعَلَ القَصْدَ الأَوَّلَ مِنْهُ نَيْلَ الخَيْرِيَّةِ التي قَالَ فِيهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» رواه الإمام البخاري عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَأَنْ يَنْطَلِقَ مِنْ مُنْطَلَقِ: ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.