السؤال :
والدتي طبيبة، اعتزلت مهنة الطب، ولكن والدي يرغمها على العمل، من أجل النفقة على البيت، فهل هذا من حقه؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9200
 2018-10-06

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ﴾.

وروى الإمام أحمد عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَأَلَهُ رَجُلٌ مَا حَقُّ المَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ؟

قَالَ: «تُطْعِمُهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ».

وروى الإمام مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدَاً تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبَاً غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ».

وَنَصَّ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ للزَّوْجَةِ وَاجِبٌ عَلَى الزَّوْجِ، سَوَاءٌ كَانَتِ الزَّوْجَةُ غَنِيَّةً أَمْ فَقِيرَةً، وَهَذَا مِنْ حَقِّ المَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا.

ثانياً: يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسَاً فَكُلُوهُ هَنِيئَاً مَرِيئَاً﴾.

وَيَقُولُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾.

وروى الإمام أحمد عَنْ أَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عَمِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّهُ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ».

وبناء على ذلك:

فَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَعْلَمَ مَا هُوَ الوَاجِبُ الذي عَلَيْهِ نَحْوَ زَوْجَتِهِ، وَأَنْ يَذْكُرَ عَقْدَ الزَّوَاجِ عِنْدَمَا قَالَ لَهُ وَلِيُّ الزَّوْجَةِ: زَوَّجْتُكَ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلْيَلْتَزِمْ وَلْيُوَفِّ بِالعَقْدِ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾.

وَيَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُرْغِمَ زَوْجَتَهُ عَلَى العَمَلِ، كَمَا يَحْرُمُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهَا إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهَا.

وَأَنَا أَنْصَحُ وَالِدَتَكَ أَنْ تَكُونَ حَكِيمَةً، فَهِيَ طَبِيبَةٌ، وَالطَّبِيبَةُ حَكِيمَةٌ تَجْعَلُ الأُمُورَ في مَحَلِّهَا، وَأَنْ تَصْبِرَ وَتُصَابِرَ إِذَا ظَلَمَهَا وَالِدُكَ، لَعَلَّ اللهَ تعالى يُصْلِحُ حَالَهُ، أَو تُوَجِّهَ لَهُ بَعْضَ أَقَارِبِهِ مَنْ يَقُومُ بِنُصْحِهِ وَتَذْكِيرِهِ بِاللهِ تعالى، إِذَا كُنْتَ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْتَ ذَلِكَ.

كَمَا أَنصَحُهَا بِالمُحَافَظَةِ عَلَى بَيْتِهَا وَعَلَى أَوْلَادِهَا، وَأَنْ لَا تُفَكِّرَ في طَلَبِ الطَّلَاقِ مِنْهُ، لِأَنَّ هَذَا قَدْ يُسِيءُ لِأَبْنَائِهَا.

أَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الأَحْوَالِ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.