2019-06-23
 السؤال :
ما صحة هذا الحديث: أَنَّ رَجُلَاً سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَائِلَاً: أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ فَلَمْ يُمْنِ، قَالَ عُثْمَانُ: يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9774
 2019-06-23

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَهَذَا الحَدِيثُ رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ فَلَمْ يُمْنِ، قَالَ عُثْمَانُ: يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ.

قَالَ عُثْمَانُ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيَّاً، وَالزُّبَيْرَ، وَطَلْحَةَ، وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ.

وَمِثْلُ هَذَا الحَدِيثِ مَا رواه الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ إِلَى قُبَاءَ حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بَنِي سَالِمٍ، وَقَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَابِ عِتْبَانَ فَصَرَخَ بِهِ، فَخَرَجَ يَجُرُّ إِزَارَهُ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَعْجَلْنَا الرَّجُلَ».

فَقَالَ عِتْبَانُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يُعْجَلُ عَنِ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يُمْنِ، مَاذَا عَلَيْهِ؟

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا المَاءُ مِنَ المَاءِ».

هَذِهِ الأَحَادِيثُ الشَّرِيفَةُ الصَّحِيحَةُ وَأَمْثَالُهَا هِيَ أَحَادِيثُ مَنسُوخَةٌ بِأَحَادِيثَ أُخْرَى صَحِيحَةٍ؛ مِنْ ذَلِكَ:

مَا رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ قَالَ: «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ».

وفي رِوَايَةِ الإمام مسلم: وَفِي حَدِيثِ مَطَرٍ: وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ.

وروى الإمام مسلم عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ رَهْطٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ، وَالأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّونَ: لَا يَجِبُ الغُسْلُ إِلَّا مِنَ الدَّفْقِ أَوْ مِنَ المَاءِ.

وَقَالَ المُهَاجِرُونَ: بَلْ إِذَا خَالَطَ فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ.

قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى: فَأَنَا أَشْفِيكُمْ مِنْ ذَلِكَ، فَقُمْتُ فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَأُذِنَ لِي، فَقُلْتُ لَهَا: يَا أُمَّاهْ ـ أَوْ يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ ـ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكِ عَنْ شَيْءٍ وَإِنِّي أَسْتَحْيِيكِ.

فَقَالَتْ: لَا تَسْتَحْيِي أَنْ تَسْأَلَنِي عَمَّا كُنْتَ سَائِلَاً عَنْهُ أُمَّكَ الَّتِي وَلَدَتْكَ، فَإِنَّمَا أَنَا أُمُّكَ.

قُلْتُ: فَمَا يُوجِبُ الْغُسْلَ؟

قَالَتْ: عَلَى الخَبِيرِ سَقَطْتَ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ وَمَسَّ الخِتَانُ الخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ».

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالحَدِيثُ صَحِيحٌ، وَلَكِنَّهُ مَنْسُوخٌ بِالحَدِيثِ الصَّحِيحِ كَذَلِكَ.

وَيَقُولُ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: اعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ مُجْتَمِعَةٌ الآنَ عَلَى وُجُوبِ الغُسْلِ بِالجِمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِنْزَالٌ، وَكَانَتْ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ إِلَّا بِالإِنْزَالِ، ثُمَّ رَجَعَ بَعْضُهُمْ وَانْعَقَدَ الإِجْمَاعُ بَعْدَ الآخَرِينَ. هذا، والله تعالى أعلم.