السؤال :
تُوُفِّيَ زَوْجُ أُخْتِي بَعْدَ أَنْ أَوْصَى لَهَا بِمَبْلَغٍ مِنَ المَالِ، وَجَعَلَ ابْنَهُ وَعَامِلَاً عِنْدَهُ شَاهِدَيْنِ بِأَنَّ زَوْجَتَهُ لَهَا دَيْنٌ عَلَيْهِ، وَالحَقِيقَةُ لَا دَيْنَ لَهَا عَلَيْهِ، فَهَلْ يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ هَذَا المَالَ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9952
 2019-09-30

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

الحِيَلُ عَلَى قِسْمَيْنِ، حِيَلٌ مَشْرُوعَةٌ، وَهِيَ التي تُتَّخَذُ للتَّخَلُّصِ مِنَ المَآثِمِ للتَّوَصُّلِ إلى الحَلَالِ، أَو تُتَّخَذَ لِدَفْعِ بَاطِلٍ، وَهِيَ لَا تَهْدِمُ أَصْلَاً مَشْرُوعَاً، وَلَا تُنَاقِضُ مَصْلَحَةً شَرْعِيَّةً.

وَحِيَلٌ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ إِذْ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلى أَمْرٍ حَرَامٍ أَو إِبْطَالِ حَقٍّ، أَو إِدْخَالِ شُبْهَةٍ، وَهَذِهِ الحِيَلُ تَهْدِمُ أَصْلَاً شَرْعِيَّاً وَتُنَاقِضُ مَصْلَحَةً شَرْعِيَّةً.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَإِنَّ هَذَا الزَّوْجَ أَرَادَ أَنْ يُعْطِيَ زَوْجَتَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ مَالَاً فَوْقَ حِصَّتِهَا مِنَ التَّرْكَةِ، وَيُرِيدُ أَنْ يَجْعَلَ لَهَا وَصِيَّةً بِطَرِيقٍ مَشْرُوعٍ في ظَاهِرِهِ لِيَتَوَصَّلَ إلى أَمْرٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ.

وَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إِلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ» رواه الدارقطني عَنْ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

فَهُوَ أَرَادَ أَنْ يُقِرَّ لَهَا بِدَيْنٍ، وَالحَقِيقَةُ لَيْسَ لَهَا دَيْنٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الخِدَاعِ للتَّوَصُّلِ إلى أَمْرٍ غَيْرِ شَرْعِيٍّ.

وَهَذَا لَا يَجُوزُ شَرْعَاً، وَلَا يَحِلُّ للزَّوْجَةِ أَنْ تَأْخُذَ هَذَا المَالَ إِلَّا إِذَا أَجَازَ الوَرَثَةُ.

وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ للشُّهُودِ إِنْ كَانَا يَعْلَمَانِ حَقِيقَةَ الأَمْرِ، فَشَهَادَتُهُمَا شَهَادَةُ زُورٍ، وَهِيَ كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ. هذا، والله تعالى أعلم.