2ـ دروس رمضانية لعام 1436: كيف استقبلت الأمة هذا الشهر

 

 2ـ دروس رمضانية لعام 1436: كيف استقبلت الأمة هذا الشهر

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فيا أيُّها الإخوة الكرام:

لَقَد أَطَلَّ شَهْرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ على أُمَّةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، لِيَكُونَ فَرْصَةً للأُمَّةِ الشَّارِدَةِ عَن دِينِ اللهِ تعالى أَنْ تَؤُوبُ وَتَرْجِعَ إلى رُشْدِهَا لِتَصْطَلِحَ مَعَ اللهِ تعالى.

جَاءَ هذا الشَّهْرُ العَظِيمُ المُبَارَكُ، والعَوْنُ من اللهِ تعالى فِيهِ وَاضِحٌ للعِبَادِ حَتَّى يَرْجِعُوا إلى عُبُودِيَّتِهِم الحَقَّةِ، فَصَفَّدَ اللهُ تعالى لَهُمُ الشَّيَاطِينَ وَمَرَدَةَ الجِنِّ، وَفَتَّحَ أَبْوَابَ الجِنَانِ، وَغَلَّقَ أَبْوَابَ النِّيرَانِ، وَنَادَى المُنَادِي: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَضُوعِفَ أَجْرُ العَمَلِ، الفَرِيضَةُ فِيهِ بِسَبْعِينَ، والنَّافِلَةُ فِيهِ كَفَرِيضَةٍ فِيمَا سِوَاهُ، وَجَعَلَ رَبُّنَا عزَّ وجلَّ أَوَّلَهُ رَحْمَةً، وَأَوْسَطَهُ مَغْفِرَةً، وَآخِرَهُ عِتْقَاً من النَّارِ.

كَيْفَ اسْتَقْبَلَتِ الأُمَّةُ هذا الشَّهْرَ؟

أيُّها الإخوة الكرام: سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ قَالَ عن هذا الشَّهْرِ: «أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرُ بَرَكَةٍ، يَغْشَاكُمُ اللهُ فِيهِ، فَيُنَزِّلُ الرَّحْمَةَ وَيَحُطُّ الخَطَايَا وَيَسْتَجِيبُ فِيهِ الدُّعَاءَ، يَنْظُرُ اللهُ تعالى إلى تَنَافُسِكُم فِيهِ، وَيُبَاهِي بِكُم مَلَائِكَتَهُ، فَأَرُوا اللَه من أَنْفُسِكُمْ خَيْرَاً، فَإِنَّ الشَّقِيَّ مَن حُرِمَ فِيهِ رَحْمَةَ اللهِ عزَّ وجلَّ» رواه الطبراني عَن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

لَقَد طَلَبَ مِنَّا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ أَنْ نَتَنَافَسَ في الخَيْرَاتِ والقُرُبَاتِ في هذا الشَّهْرِ، قَالَ تعالى: ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُون﴾. لِيَكُونَ هذا الشَّهْرُ شَاهِدَاً لَنَا لا عَلَيْنَا، طَلَبَ مِنَّا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ أَنْ نُرِيَهُ من أَنْفُسِنَا خَيْرَاً في هذا الشَّهْرِ خَاصَّةً، وَلَكِنْ وَبِكُلِّ أَسَفٍ كَيْفَ اسْتَقْبَلَتِ الأُمَّةُ هذا الشَّهْرَ العَظِيمَ المُبَارَكَ؟

لَقَد اسْتَقْبَلَتِ الأُمَّةُ هذا الشَّهْرَ بِسَفْكِ الدِّمَاءِ، التي قَالَ اللهُ تعالى فِيهَا: ﴿مَن قَتَلَ نَفْسَاً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعَاً﴾.

لَقَد اسْتَقْبَلَتِ الأُمَّةُ هذا الشَّهْرَ بِمُوبِقَةٍ من المُوبِقَاتِ، وَبِكَبِيرَةٍ من الكَبَائِرِ، ألا وهيَ قَتْلُ النُّفُوسِ بِغَيْرِ حَقٍّ، بَل بالظُّلْمِ والعُدْوَانِ، وَإِنَّا نَبْرَأُ إلى اللِه تعالى من كُلِّ قَطْرَةِ دَمٍ وَقَعَتْ على الأَرْضِ بِغَيْرِ حَقٍّ أَيَّاً كَانَ الفَاعِلُ، وَلْيَسْمَعِ القَاتِلُ بِغَيْرِ حَقٍّ قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمَاً حَرَامَاً» رواه الإمام البخاري عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَلْيَسْمَعْ مَن يَشْتَرِكُ في القَتْلِ بِغَيْرِ حَقٍّ إلى قَوْلِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ» رواه ابن ماجه بإسناد حسن عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ؛ ورواه البيهقي والأصبهاني وَزَادَ فِيهِ: «وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ اشْتَرَكُوا في دَمِ مُؤْمِنٍ لَأَدْخَلَهُمُ اللهُ النَّارَ».

وَلْيَسْمَعِ المُعِينُ على القَتْلِ وَلَوْ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ لَقِيَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ» رواه ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

هَلْ هذا من الخَيْرِ الذي يُرْضِي رَبَّنَا عزَّ وجلَّ؟ هَلْ هذا من الطَّاعَاتِ التي يَتَنَافَسُ فِيهَا المُتَنَافِسُونَ؟

كُنْ حَرِيصَاً على صِيَامِكَ:

أيها الإخوة الكرام: لماذا لا تَسْمَعُ الأُمَّةُ وَصِيَّةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ؟ هَلْ نَسِيَتِ الأُمَّةُ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم﴾؟

لَقَد أَوْصَى سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ الأُمَّةَ بِضَبْطِ النَّفْسِ بِشَكْلٍ عَامٍّ، فَقَالَ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وفي شَهْرِ رَمَضَانَ المُبَارَكِ بِشَكْلٍ خَاصٍّ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلا يَرْفُثْ وَلا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ» رواه الشيخان عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

نَعَمْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ حَرِيصٌ على أَنْ لا يُضِيعَ الصَّائِمُ أَجْرَ صِيَامِهِ الذي لا يَعْلَمُ قَدْرَهُ إلى اللهُ تعالى، يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَجْرُ صِيَامِ يَوْمٍ وَاحِدٍ من رَمَضَانَ لا يَعْلَمُ قَدْرَهُ إلا اللهُ تعالى، وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نَعْرِفَ حَقِيقَةَ هذا فَلْنَسْمَعْ إلى حَدِيثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمَاً مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ رُخْصَةٍ وَلا مَرَضٍ لَمْ يَقْضِ عَنْهُ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ وَإِنْ صَامَهُ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

لَوْ صَامَ العَبْدُ الدَّهْرَ كُلَّهُ نَافِلَةً لِيُحَصِّلَ أَجْرَ صِيَامِ يَوْمٍ وَاحِدٍ من رَمَضَانَ أَفْطَرَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ ولا رُخْصَةٍ شَرْعِيَّةٍ لا يُحَصِّلُهُ.

أيُّها الإخوة الكرام: نَرَى أَهْلَ الدُّنيَا إِذَا أَكْرَمَهُمُ اللهُ تعالى بِشَيْءٍ من حُطَامِهَا من مَالٍ وَجَاهٍ وَسُلْطَانٍ وَرِيَادَةٍ وَسِيَادَةٍ تَرَاهُم حَرِيصِينَ كُلَّ الحِرْصِ عَلَيْهَا من ضَيَاعِهَا، وَهُم على يَقِينٍ بِأَنَّهُ لا بُدَّ من فِرَاقِ هذهِ النِّعَمِ الدُّنْيَوِيَّةِ المَادِّيَّةِ، وَهُمْ على يَقِينٍ بِأَنَّ النِّعَمَ لَوْ دَامَتْ لَهُم فَلَنْ يَدُومُوا لَهَا، وَمَعَ ذلكَ تَرَاهُم حَرِيصِينَ عَلَيْهَا هذا الحِرْصَ الشَّدِيدَ.

أَلَيْسَ المُؤْمِنُ أَوْلَى بالحِرْصِ على صِيَامِهِ من الضَّيَاعِ من حِرْصِ هؤلاءِ على دُنْيَاهُم؟

أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد أَنْعَمَ اللهُ تعالى عَلَيْنَا فَشَرَحَ صُدُورَنَا للإِسْلَامِ، وَوَفَّقَنَا لِصِيَامِ هذهِ الأَيَّامِ مَعَ شِدَّةِ حَرِّهَا وَطُولِ نَهَارِهَا، وَنَرَى غَيْرَنَا حَرَمَهُمُ اللهُ تعالى هذهِ النِّعْمَةَ، أَلَيْسَ الجَدِيرُ بِنَا أَنْ نُحَافِظَ على هذهِ النِّعْمَةِ حَتَّى لا نُحْبِطَهَا؟

أَيُّهَا الصَّائِمُ امْتَثِلْ الأَمْرَ:

أيُّها الإخوة الكرام: يَجِبُ على الصَّائِمِ أَنْ يَمْتَثِلَ أَمْرَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ الذي يَقُولُ: «فَإِنْ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. هُوَ بَدَأَكَ بالسَّبِّ والشَّتْمِ واللَّعْنِ، هُوَ بَدَأَكَ بالقِتَالِ، لِيَكُنِ الرَّدُّ عَلَيْهِ قَوْلَ: «إِنِّي صَائِمٌ» حَتَّى لا تُضَيِّعَ الأَجْرَ الذي أَنْتَ على مَوْعِدٍ مَعَهُ عِنْدَ اللهِ عزَّ وجلَّ، حَيْثُ يَقُولُ سُبْحَانَهُ: «إِلا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» والعَطَاءُ على قَدْرِ المُعْطِي، لا على قَدْرِ المُعْطَى لَهُ.

كُنْ أَيُّهَا الصَّائِمُ حَرِيصَاً على عَطَاءِ اللهِ لَكَ، وَخَاصَّةً إذا كَانَ العَطَاءُ في دَارِ البَقَاءِ، حَيْثُ يَكُونُ العَطَاءُ بِمَا لا عَيْنٌ رَأَتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ على قَلْبِ بَشَرٍ.

خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

أيُّها الإخوة الكرام: قُوَّةُ الإِنْسَانِ تَتَجَلَّى بِضَبْطِ النَّفْسِ في سَاعَةِ الغَضَبِ بِشَكْلٍ عَامٍّ، وَبِشَكْلٍ خَاصٍّ في شَهْرِ رَمَضَانَ المُبَارَكِ، حَتَّى لا يُضَيِّعَ العَابِدُ أَجْرَ عِبَادَتِهِ، لأَنَّ الإِسَاءَاتِ للآخَرِينَ تُودِي بالحَسَنَاتِ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟».

قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ.

فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ».

أيُّها الإخوة الكرام: السَّعِيدُ مَن أَرَى اللهَ تعالى من نَفْسِهِ خَيْرَاً في هذا الشَّهْرِ، السَّعِيدُ الذي ضَبَطَ نَفْسَهُ بِضَوَابِطِ الشَّرِيعَةِ في سَاعَةِ الغَضَبِ، كَمَا ضَبَطَهَا في سَاعَةِ الرِّضَى، السَّعِيدُ الذي نَالَ وَعْدَ اللهِ تعالى لِعِبَادِهِ الصَّائِمِينَ: «إِلا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ».

أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُوَفِّقَنَا لِصِيَامِ هذا الشَّهْرَ حَقَّ الصِّيَامِ، وَقِيَامِهِ حَقَّ القِيَامِ، وَأَنْ نُرِيَ اللهَ تعالى من أَنْفُسِنَا خَيْرَاً، وَأَنْ يُطْفِئَ نَارَ هذهِ الفِتْنَةِ، وَأَنْ يَجْعَلَ كَيْدَ الكَائِدِينَ، وَحِقْدَ الحَاقِدِينَ، عَائِدَاً عَلَيْهِمْ، إِنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

 

الأحد: 4/رمضان /1436هـ، الموافق: 21/حزيران / 2015م