59ـ كلمات في مناسبات: يومان أعظم أيام الدنيا

59ـ كلمات في مناسبات: يومان أعظم أيام الدنيا

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فيا أيُّها الإخوة الكرام:

تَمْضِي الأَيَّامُ وتَنْقَضِي ونَحْنُ عَنْهَا غَافِلُونَ، وعن الاسْتِعْدَادِ لِيَوْمِ المَعَادِ لاهُونَ، فَهَلْ نَحْنُ في هذهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا مُعَمَّرُونَ، واللهُ تعالى يَقُولُ: ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾؟ أَم نَحْنُ للأَبَدِ خَالِدُونَ، واللهُ تعالى يَقُولُ: ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ﴾؟

أيُّها الإخوة الكرام: إِنَّ ضَعْفَنَا في العِبَادَةِ، وَتَكَاسُلَنَا عَنْهَا يَدُلُّ على وُجُودِ خَلَلٍ فِينَا، لا بُدَّ من عِلاجِهِ وَمُدَاوَاتِهِ، والقُرْآنُ العَظِيمُ هُوَ الشِّفَاءُ، قَالَ تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارَاً﴾. القُرْآنُ العَظِيمُ هُوَ الرُّوحُ لأَرْوَاحِنَا وَقُلُوبِنَا، قَالَ تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحَاً مِنْ أَمْرِنَا﴾. وقَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾.

يَوْمَانِ أَعْظَمُ أَيَّامِ الدُّنْيَا:

أيُّها الإخوة الكرام: هَا هِيَ أَيَّامُ العَشْرِ قَدْ أَوْشَكَتْ على الانْتِهَاءِ، فماذا قَدَّمْنَا لأَنْفُسِنَا؟ رَبُّنَا عزَّ وجلَّ شَرَعَ لَنَا في هذهِ الأَيَّامِ العَشْرِ أَعْمَالاً عَظِيمَةً، لا تَجْتَمِعُ في غَيْرِهَا من أَيَّامِ العَامِ، وَرَبُّنَا عزَّ وجلَّ قَدْ فَاضَلَ بَيْنَ أَيَّامِ الدُّنْيَا، لِيُنَشِّطَ المُؤْمِنَ على العَمَلِ الصَّالِحِ، كُلَّمَا وَقَعَ في الفُتُورِ، كُلَّمَا جَاءَ الزَّمَانُ الفَاضِلُ كُلَّمَا نَشِطَ المُؤْمِنُ لِعِبَادَةِ رَبِّهِ عزَّ وجلَّ، وتَقَوَّى على طَاعَتِهِ.

أيُّها الإخوة الكرام: إِنَّ في هذهِ الأَيَّامِ العَشْرِ يَوْمَيْنِ هُمَا أَعْظَمُ أَيَّامِهَا وَأَشْرَفُهَا وَأَجَلُّهَا عِنْدَ اللهِ عزَّ وجلَّ، لَقَد شَرَعَ فِيهَا لَنَا رَبُّنَا عزَّ وجلَّ العَمَلَ الصَّالِحَ.

اليَوْمُ الأَوَّلُ: يَوْمُ عَرَفَةَ:

أيُّها الإخوة الكرام: في هذهِ الأَيَّامِ العَشْرِ يَوْمٌ جَعَلَهُ اللهُ تعالى لأَهْلِ طَاعَتِهِ شَاهِدَاً جَامِعَاً، يَكُونُ رَبُّنَا عزَّ وجلَّ لِدُعَائِهِم فِيهِ مُجِيبَاً وَسَامِعَاً لِمَنْ لَبَّى وَأَجَابَ دَعْوَةَ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وعلى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ، هُوَ يَوْمُ اللهِ المُعَظَّمُ يَوْمُ عَرَفَاتٍ، فِيهِ يُبَاهِي اللهُ بِأَهْلِ المَوْقِفِ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ، فِيهِ تُسْكَبُ العَبَرَاتُ، وَتُقَالُ العَثَرَاتُ، وتُنَزَّلُ الرَّحَمَاتُ، وَتُرْفَعُ الدَّرَجَاتُ، وَتُدْفَعُ النَّكَبَاتُ، فَفِيهِ رَبُّنَا عزَّ وجلَّ يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَجْبُرُ كَسْرَ القَلْبِ، وَفِيهِ الدَّعْوَةُ مَسْمُوعَةٌ، والبَلِيَّةُ بِإِذْنِ اللهِ تعالى مَرْفُوعَةٌ.

روى الإمام مسلم عَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ قَالَ «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدَاً مِن النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ».

وروى أَيضَاً عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: وَسُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ».

ورَحِمَ اللهُ تعالى مَن قَالَ:

فَلِلَّهِ ذَاكَ المَوْقِفُ الأَعْـظَـمُ الذي   ***   كَـمَـوْقِفِ يَوْمِ العَرْضِ بَلْ ذَاكَ أَعْظَمُ

وَيَـدْنُـو بِهِ الجَـبَّـارُ جَـلَّ جَـلالُهُ    ***   يُـبَــاهِـي بِـهِـم أَمْـلاكَـهُ فَـهُـوَ أَكْرَمُ

يَـقُـولُ عِـبَـادِي قَـدْ أَتَـوْنِي مَحَـبَّةً   ***   وَإِنِّــــــي بِــهِـمْ بَـرٌّ أَجُـودُ وَأَرْحَـمُ

فَـأُشْـهِـدُكُمْ أَنِّي غَفَـرْتُ ذُنُوبَهُمْ    ***   وَأَعْـطَـيْـتُـهُـمْ مَـا أَمَّـلُـوهُ وَأُنْـــــعِمُ

أيُّها الإخوة الكرام: هذا اليَوْمُ العَظِيمُ يَوْمُ عَرَفَةَ هُوَ يَوْمُ العِتْقِ من النَّارِ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه ابن خزيمة عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «وَمَا مِنْ يَوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، يَنْزِلُ اللهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثَاً غُبْرَاً ضَاحِينَ، جَاؤُوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، يَرْجُونَ رَحْمَتِي، وَلَمْ يَرَوْا عَذَابِي، فَلَمْ يُرَ يَوْمٌ أَكْثَرُ عِتْقَاً مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ».

أيُّها الإخوة الكرام: أَكْثِرُوا في يَوْمِ عَرَفَةَ من قَوْلِ: لا إِلَهَ إلا اللهُ، هذهِ الكَلِمَةُ كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ، وَمِفْتَاحُ دَارِ السَّعَادَةِ، بِهَا قَامَتِ الأَرْضُ والسَّمَاوَاتُ، وَخُلِقَت لأَجْلِهَا المَخْلُوقَاتُ، وَبِهَا أَرْسَلَ اللهُ الرُّسُلَ، وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ، وَأَحَلَّ الحَلالَ، وَحَرَّمَ الحَرَامَ، وَلأَجْلِهَا نُصِبَتِ المَوَازِينُ، وَوُضِعَتِ الدَّوَاوِينُ، وَقَامَ سُوقُ الجَنَّةِ والنَّارِ، وَبِهَا انْقَسَمَتِ الخَلِيقَةُ إلى مُؤْمِنِينَ وكَافِرِينَ، وَأَبْرَارٍ وَفُجَّارٍ، وَبِهَا تَعَلَّقَ الثَّوَابُ والعِقَابُ، وَعَن حُقُوقِهَا سَيَكُونُ السُّؤَالُ والجَوَابُ، وَهِيَ حَقٌّ للهِ تعالى على جَمِيعِ العِبَادِ، مَنْ عَرَفَ مَعْنَاهَا، وَعَمِلَ بِمُقْتَضَاهَا كُتِبَ لَهُ الأَمْنُ وَهُوَ من المُهْتَدِينَ، وَمَن أَعْرَضَ عَنْهَا فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكَاً، وَكَانَ في الآخِرَةِ من الخَاسِرِينَ، وَهِيَ العُرْوَةُ الوُثْقَى، وَهِيَ القَوْلُ الثَّابِتُ.

أيُّها الإخوة الكرام: كَلِمَةُ لا إِلَهَ إلا اللهُ، أَفْضَلُ الذِّكْرِ، وَخَيْرُ مَا قَالَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ والنَّبِيُّونَ من قَبْلِهِ.

روى الترمذي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».

كَلِمَةُ لا إِلَهَ إلا اللهُ لا يَثْقُلُ مَعَهَا شَيْءٌ في المِيزَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ، روى الترمذي عَن عَبْدِ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنهُما يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلَاً مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُؤُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلَّاً، كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئَاً؟ أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟

فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ.

فَيَقُولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ؟

فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ.

فَيَقُولُ: بَلَى، إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً، فَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ؛ فَتَخْرُجُ بِطَاقَةٌ فِيهَا: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

فَيَقُولُ: احْضُرْ وَزْنَكَ.

فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ؟!

فَقَالَ: إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ.

قَالَ: فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ، وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ، فَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ، وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ؛ فَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللهِ شَيْءٌ».

أيُّها الإخوة الكرام: فَلْنُكْثِرْ من قَوْلِ لا إِلَهَ إلا اللهُ، وَخَاصَّةً في يَوْمِ عَرَفَةَ، رَاجِينَ المَوْلَى أَنْ يُشْرِكَنَا مَعَ حُجَّاجِ بَيْتِهِ الحَرَامِ. آمين.

اليَوْمُ الثَّانِي: يَوْمُ النَّحْرِ:

أيُّها الإخوة الكرام: وَثَانِي هذهِ الأَيَّامِ يَوْمُ النَّحْرِ، الذي هُوَ ذِرْوَةُ سَنَامِ الأَيَّامِ العَشْرِ، روى الحاكم وأبو داود عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُرْطٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ». وَيَوْمُ القَرِّ هُوَ الحَادِي عَشَرَ من ذِي الحِجَّةِ، لأَنَّ الحُجَّاجَ يَسْتَقِرُّونَ فِيهِ بِمِنَى.

أيُّها الإخوة الكرام: يَوْمُ النَّحْرِ هُوَ يَوْمُ عِيدِ الأَضْحَى، هُوَ يَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ، فِيهِ يُؤَدِّي الحُجَّاجُ مُعْظَمَ مَنَاسِكِ الحَجِّ، يَرْمُونَ الجَمْرَةَ الكُبْرَى، ويَذْبَحُونَ الهَدْيَ، وَيَحْلِقُونَ رُؤُوسَهُم، وَيَطُوفُونَ بالبَيْتِ العَتِيقِ، وَيَسْعَوْنَ بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةَ.

في يَوْمِ النَّحْرِ يُضَحِّي المُسْلِمُونَ أُضْحِيَاتِهِم، وَقَد رَتَّبَ اللهُ عزَّ وجلَّ الفَضْلَ العَظِيمَ، والثَّوَابَ الجَزِيلَ، لِمَنْ أَحْيَا شَعِيرَةَ الأَضَاحِي، روى الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ قَالَ: «مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَأَنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِن اللهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِن الْأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسَاً».

أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد رَغَّبَنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ في الأُضْحِيَةِ قَوْلاً وَفِعْلاً، فَقَد ضَحَّى صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، روى الشيخان عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا.

أيُّها الإخوة الكرام: ضَحُّوا وَطِيبُوا بِهَا نَفْسَاً.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أيُّها الإخوة الكرام: سِيرُوا إلى اللهِ تعالى في سَائِرِ أَحْوَالِكُم، ولا تَنْتَظِرُوا حَالاً دُونَ حَالٍ، سِيرُوا إلى اللهِ عُرْجَاً ومَكَاسيرَ، ولا تَنْتَظِرُوا الصِّحَّةَ والفَرَاغَ، فَإِنَّ انْتِظَارَ الصِّحَّةِ بَطَالَةٌ، وانْتِظَارَ الأَمْنِ بَطَالَةٌ، وانْتِظَارَ الغِنَى بَطَالَةٌ، فالعَاقِلُ مَن بَادَرَ بالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَخَاصَّةً فِيمَا بَقِيَ من أَيَّامِ العَشْرِ، ورَحِمَ اللهُ تعالى مَن قَالَ:

وَكُنْ صَارِمَاً كَـالـوَقْـتِ، فَـالمَقْـتُ فِي عَـسَـى   ***   وَإيَّـاكَ عَــــلَّا فَـهِـيَ أَخْـطَـرُ عِـلَّـةِ

وَسِـرْ زَمَـنـاً، وَانهَـضْ كَـسِـيرَاً، فَــحَظُّكَ الـ   ***   بِطَالَةُ مَـا أَخَّـرْتَ غُـرْمَـاً لِـصِــحَّـةِ

وَجُــذَّ بِـسَيْفِ الــعَزْمِ نَفْسَاً فَــإنْ تَــجُـدْ بِهَا   ***   نَــفَـسَـاً فَالـنَّفْسُ إِنْ جُـدْتَ جَدَّتِ

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِمَا يُرْضِيكَ عَنَّا. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 7/ذو الحجة /1436هـ، الموافق: 21/أيلول / 2015م