49ـ أشراط الساعة: مرور الرجل بقبر, يتمنى لو كان مكانه

 

 أشراط الساعة

49ـ  مرور الرجل بقبر، يتمنى لو كان مكانه

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا أيُّها الإخوة الكرام: من عَلامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ التي أَخْبَرَ عَنْهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، والتي لَمْ تَقَعْ بَعْدُ بِشَكْلٍ عَامٍّ؛ أَنْ يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرٍ من القُبُورِ، فَيَتَمَرَّغَ عَلَيْهِ، وَيَتَمَنَّى لَو كَانَ مَكَانَ صَاحِبِهِ، وَذَلِكَ من شِدَّةِ البَلاءِ، والخَوْفِ على دِينِهِ.

روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ عَلَى الْقَبْرِ، فَيَتَمَرَّغُ عَلَيْهِ، وَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَكَانَ صَاحِبِ هَذَا الْقَبْرِ، وَلَيْسَ بِهِ الدِّينُ إِلَّا الْبَلَاءُ».

وروى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ، فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ».

النَّهْيُ عَن تَمَنِّي المَوْتِ:

أيُّها الإخوة الكرام: لَقَد نَهَى سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الأُمَّةَ عَن تَمَنِّي المَوْتِ لِأَجْلِ مَرَضٍ أَوْ ضِيقِ حَالٍ أَوْ ضَرَرٍ مَسَّ الإِنْسَانَ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلَاً فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرَاً لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرَاً لِي» رواه الإمام البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَيَدُلُّ على ذَلِكَ فِعْلُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم، روى الإمام البخاري عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى خَبَّابٍ نَعُودُهُ، وَقَد اكْتَوَى سَبْعَ كَيَّاتٍ.

فَقَالَ: إِنَّ أَصْحَابَنَا الَّذِينَ سَلَفُوا مَضَوْا وَلَمْ تَنْقُصْهُمُ الدُّنْيَا (أَيْ: لَمْ تَنْقُصْ أُجُورَهُمْ، بِمَعْنَى أَنَّهُمْ لَمْ يَتَعَجَّلُوهَا فِي الدُّنْيَا، بَلْ بَقِيَتْ مُوَفَّرَةً لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ) وَإِنَّا أَصَبْنَا مَا لَا نَجِدُ لَهُ مَوْضِعَاً إِلَّا التُّرَابَ (أَيْ: مِن الْوَجَع الَّذِي أَصَابَهُ) وَلَوْلَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ.

وَيَقُولُ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ التَّسْتُرِيُّ: لا يَتَمَنَّى المَوْتَ إلا ثَلَاثَةُ: رَجُلٌ جَاهِلٌ بِمَا بَعْدَ المَوْتِ، أَوْ رَجُلٌ يَفِرُّ من أَقْدَارِ اللهِ تعالى عَلَيْهِ، أَوْ مُشْتَاقٌ مُحِبٌّ لِلِقَاءِ اللهِ عزَّ وجلَّ.

أيُّها الإخوة الكرام: مَا يَنْبَغِي للإِنْسَانِ أَنْ يَتَمَنَّى المَوْتَ بِسَبَبِ أَمْرٍ من أُمُورِ الدُّنْيَا، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ فِي الدُّنْيَا» رواه النسائي عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

لِأَنَّ الضُّرَّ في الدُّنْيَا في حَقِيقَتِهِ خَيْرٌ للعَبْدِ المُؤْمِنِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ تَكْفِيرَاً لِسَيِّئَاتِهِ، وَإِمَّا رَفْعَاً في دَرَجَاتِهِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذَىً وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سَبَقَتْ لِلْعَبْدِ مِن اللهِ مَنْزِلَةٌ لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ، ابْتَلَاهُ اللهُ فِي جَسَدِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي وَلَدِهِ، ثُمَّ صَبَّرَهُ حَتَّى يُبْلِغَهُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي سَبَقَتْ لَهُ مِنْهُ» رواه الإمام أحمد عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَكَانَ لِجَدِّهِ صُحْبَةٌ.

تَمَنِّي المَوْتِ خَوْفَاً من ضُرٍّ أُخْرَوِيٍّ:

أيُّها الإخوة الكرام: أَمَّا إِذَا كَانَ تَمَنِّي المَوْتِ خَوْفَاً من أَنْ يُصِيبَهُ ضُرٌّ أُخْرَوِيٌّ، فلا حَرَجَ من تَمَنِّي المَوْتِ، روى الإمام أحمد والترمذي ـ واللَّفْظُ لَهُ ـ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَتَانِي اللَّيْلَةَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ ـ قَالَ: أَحْسَبُهُ قَالَ: فِي الْمَنَامِ ـ.

فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟

قُلْتُ: لَا.

فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَهَا بَيْنَ ثَدْيَيَّ ـ أَوْ قَالَ: فِي نَحْرِي ـ فَعَلِمْتُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ.

قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟

قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: فِي الْكَفَّارَاتِ، وَالْكَفَّارَاتُ الْمُكْثُ فِي الْمَسَاجِدِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ، وَالْمَشْيُ عَلَى الْأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ، وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي الْمَكَارِهِ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَاشَ بِخَيْرٍ وَمَاتَ بِخَيْرٍ، وَكَانَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ.

وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِذَا صَلَّيْتَ فَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَإِذَا أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ.

قَالَ: وَالدَّرَجَاتُ، إِفْشَاءُ السَّلَامِ، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَالصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ».

وَقَد فَعَلَ ذلكَ بَعْضُ أَصْحَابِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، روى الإمام مالك في الموطَّأ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا صَدَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ مِنَىً (أَيْ: رَجَعَ من حِجَّتِهِ) أَنَاخَ بِالْأَبْطَحِ (وَادٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَمِنَىً) ثُمَّ كَوَّمَ (جَمَعَ) كَوْمَةً بَطْحَاءَ (صِغَارَ الحَصَى) ثُمَّ طَرَحَ عَلَيْهَا رِدَاءَهُ وَاسْتَلْقَى، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ كَبِرَتْ سِنِّي، وَضَعُفَتْ قُوَّتِي، وَانْتَشَرَتْ رَعِيَّتِي، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مُضَيِّعٍ وَلَا مُفَرِّطٍ.

وروى الإمام أحمد عَنْ عُلَيْمٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوسَاً عَلَى سَطْحٍ، مَعَنَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ يَزِيدُ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَبْسَاً الْغِفَارِيَّ ـ وَالنَّاسُ يَخُوضُونَ فِي الطَّاعُونِ.

فَقَالَ عَبَسٌ: يَا طَاعُونُ خُذْنِي ـ ثَلَاثًا يَقُولُهَا ـ.

فَقَالَ لَهُ عُلَيْمٌ: لِمَ تَقُولُ هَذَا؟ أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ، فَإِنَّهُ عِنْدَ انْقِطَاعِ عَمَلِهِ لَا يُرَدُّ فَيُسْتَعْتَبَ»؟

فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «بَادِرُوا بِالْمَوْتِ سِتَّاً، إِمْرَةَ السُّفَهَاءِ، وَكَثْرَةَ الشُرَطِ (رِجَالُ السًّلطَانِ، جَعَلُوا لأَنفُسِهِم عَلَاماتٍ يُعرَفُونَ بِهَا)، وَبَيْعَ الْحُكْمِ، وَاسْتِخْفَافَاً بِالدَّمِ، وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ، وَنَشْئَاً يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ، يُقَدِّمُونَهُ يُغَنِّيهِمْ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُمْ فِقْهَاً».

وفي رِوَايَةٍ عَنْ شَدَّادٍ أَبِي عَمَّارٍ الشَّامِيِّ قَالَ: قَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: يَا طَاعُونُ خُذْنِي إِلَيْكَ.

قَالَ: فَقَالُوا: أَلَيْسَ قَدْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا عَمَّرَ الْمُسْلِمُ كَانَ خَيْرَاً لَهُ»؟

قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي أَخَافُ سِتَّاً، إِمَارَةَ السُّفَهَاءِ، وَبَيْعَ الْحُكْمِ، وَكَثْرَةَ الشُرَطِ، وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ، وَنَشْئَاً يَنْشَؤُونَ يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ، وَسَفْكَ الدَّمِ.

أيُّها الإخوة الكرام: فَإِذَا كَانَ تَمَنِّي المَوْتِ خَوْفَاً من ضُرٍّ يَتَوَقَّعُهُ الإِنْسَانُ في الآخِرَةِ، فلا حَرَجَ في ذَلِكَ، لِأَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَعَا بِذَلِكَ.

خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

أيُّها الإخوة الكرام: مَن كَانَ مِنَّا مُتَمَنِّيَاً المَوْتَ فَلْيَتَمَنَّهُ إِذَا خَافَ على نَفْسِهِ من الفِتْنَةِ، أَوْ خَافَ من ضُرٍّ أُخْرَوِيٍّ، أَوْ تَمَنِّيَاً لِلِقَاءِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ حَمْلاً عل قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبَّاً نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي، يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وعلى ذَلِكَ يُحْمَلُ قَوْلُ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: أُحِبُّ الفَقْرَ تَوَاضُعَاً لِرَبِّي، وَأُحِبُّ المَوْتَ اشْتِيَاقَاً إلى رَبِّي، وَأُحِبُّ المَرَضَ كَفَّارَةً لِخَطِيئَتِي. رواه البيهقي.

وَكَذَلِكَ مَن تَمَنَّى المَوْتَ فَلْيَتَمَنَّهُ حُبَّاً لِلِقَاءِ اللهِ تعالى، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

أيُّها الإخوة الكرام: فَمِنْ عَلامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ تَمَنِّي المَوْتِ خَشْيَةَ البَلاءِ، وَذَلِكَ عِنْدَمَا تَكْثُرُ الفِتَنَ والمِحَنُ وَسَائِرُ الضَّرَّاءِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُم لَيَتَمَنَّى ظُهُورَ الدَّجَّالِ من شِدَّةِ مَا يَجِدُ من البَلاءِ.

روى الطَّبَرَانِيُّ في الأَوْسَطِ عَن حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَيَأْتِيَنَّ على أُمَّتِي زَمَانٌ يَتَمَنَّوْنَ فِيهِ الدَّجَّالَ».

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، مِمَّ ذَاكَ؟

قَالَ: «مِمَّا يَلْقَوْنَ من العَنَاءِ والعَنَاءِ».

اللَّهُمَّ سَلِّمْ لَنَا دِينَنَا الذي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَسَلِّمْ لَنَا دُنْيَانَا التي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَسَلِّمْ لَنا آخِرَتَنَا التي إِلَيْهَا مَعَادُنَا. آمين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الأربعاء: 20/صفر /1437هـ، الموافق: 2/كانون الأول / 2015م