129-نحو أسرة مسلمة:البيت الذي يذكر فيه الله تعالى

.

نحو أسرة مسلمة

129ـ البيت الذي يذكر فيه الله تعالى

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: مِنْ نِعَمِ اللهِ تعالى على خَلْقِهِ البُيُوتُ، قَالَ تعالى: ﴿وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنَاً﴾. يَقُولُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: يَذْكُرُ تَبَارَك وتعالى تَمَامَ نِعَمِهِ على عَبِيدِهِ بِمَا جَعَلَ لَهُمْ مِنَ البُيُوتِ التي هِيَ سَكَنٌ لَهُمْ، يَأْوُونَ إِلَيْهَا، وَيَسْتَتِرُونَ بِهَا، وَيَنْتَفِعُونَ بِهَا بِسَائِرِ وُجُوهِ الانْتِفَاعِ.

البَيْتُ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ يَأْوِي إِلَيْهِ أَحَدُنَا حِينَ طَعَامِهِ، وَحِينَ رَاحَتِهِ، وَحِينَ خَلْوَتِهِ مَعَ أَهْلِهِ؛ البَيْتُ نِعْمَةٌ لَا يُقَدِّرُ هَذِهِ النِّعْمَةَ إلا مَنْ فَقَدَهَا، فَكَمْ مِنْ أُسَرٍ لَا بَيْتَ لَهُمْ، يَعْيشُونَ في الخِيَامِ، يَفْتَرِشُونَ الطُّرُقَاتِ، وَخَاصَّةً في هَذِهِ الأَزْمَةِ ـ وَاللهُ تعالى بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَنْ كَانَ سَبَبَاً في ذَلِكَ ـ.

البَيْتُ مَكَانٌ لِسَتْرِ المَرْأَةِ وَصِيَانَتِهَا، وَلَوْلَا البُيُوتُ كَيْفَ يَكُونُ وَضْعُ النِّسَاءِ، لِذَلِكَ قَالَ تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾. وَلَمَّا انْتَقَمَ اللهُ تعالى من يَهُودِ بَنِي النُّضَيْرِ قَالَ فِيهِمْ: ﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْـحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتَاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْـمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: حَالُنَا يُرْثَى لَهُ، هَلْ مِنَ المَعْقُولِ أَنْ نَفْعَلَ بِأَنْفُسِنَا مَا فَعَلَهُ اليَهُودُ بِأَنْفُسِهِمْ؟

صَلَاحُ البَيْتِ يَعْنِي صَلَاحَ المُجْتَمَعِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: البَيْتُ يُشَكِّلُ الخَلِيَّةَ الأُولَى في المُجْتَمَعِ، وعلى قَدْرِ صَلَاحِ البَيْتِ يَتَقَرَّرُ صَلَاحُ المُجْتَمَعِ، لِذَلِكَ فَقَدِ اهْتَمَّ الإِسْلَامُ بِشَأْنِ البَيْتِ، وَأُسُسِ تَكْوِينِهِ، وَأَسْبَابِ دَوَامِ تَرَابُطِ هَذَا البَيْتِ، لِيَبْقَى قَلْعَةً شَامِخَةً يَسُودُهُ الوِئَامُ، وَيُرَفْرِفُ عَلَيْهِ الحُبُّ، وَتَتَلَاقَى فِيهِ مَشَاعِرُ المَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ، التي قَالَ عَنْهَا اللهُ تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجَاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مَنْ كَانَ حَرِيصَاً على بَيْتِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قُدْوَةً صَالِحَةً في الخَيْرِ، يَتَعَلَّمُ مِنْهُ أَهْلُ بَيْتِهِ طَاعَةَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَالرَّجُلُ هُوَ صَمَّامُ أَمَانِ البَيْتِ، يَدْرَأُ عَنْهُ المَفَاسِدَ، وَيَجْلِبُ إِلَيْهِ المَصَالِحَ، قَالَ تعالى مُخْبِرَاً عَنْ دُعَاءِ عِبَادِ الرَّحْمَنِ: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامَاً﴾. وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» رواه الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: صَلَاحُ الرَّجُلِ يَعْنِي صَلَاحَ أُسْرَتهِ، وَفَسَادُهُ فَسَادُ أُسْرَتِهِ، وَكَمْ مِنْ بُيُوتٍ خُرِّبَتْ بِسَبَبِ انْحِرَافِ الرَّجُلِ، وَخَاصَّةً بَعْدَ هَذَا الانْفِتَاحِ على العَالَمِ مِنْ خِلَالِ وَسَائِلِ الاتِّصَالِ السِّلْكِيَّةِ، وَغَيْرِ السِّلْكِيَّةِ، وَعَنْ طَرِيقِ الشَّبَكَةِ العَنْكَبُوتِيَّةِ؟ فَيَا أَيُّهَا الرَّجُلُ، كُنْ صَالِحَاً في خَلْوَتِكَ وَجَلْوَتِكَ، وَلْتَظْهَرْ آثَارُ الصَّلَاحِ عَلَيْكَ أَمَامَ أَهْلِ بَيْتِكَ، لَا العَكْسُ؛ فَصَلَاحُكَ صَلَاحُ أُسْرَتِكَ، وَفَسَادُكَ فَسَادُهَا.

البَيْتُ مَكَانُ العِبَادَةِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ أَرْشَدَنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَجْعَلَ بُيُوتَنَا مَكَانَ عِبَادَةٍ، وَذِكْرٍ للهِ تعالى، سَوَاءٌ ذِكْرُ القَلْبِ، أَو ذِكْرُ اللِّسَانِ، أَو قِرَاءَةُ القُرْآنِ العَظِيمِ، أَو الصَّلَاةُ على سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَو مُدَارَسَةُ العِلْمِ؛ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، وَالْبَيْتِ الَّذِي لَا يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْـمَيِّتِ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لِنَصْدُقِ القَوْلَ مَعَ أَنْفُسِنَا: هَلْ بُيُوتُنَا اليَوْمَ حَيَّةٌ أَمْ مَيْتَةٌ؟ هَلْ بُيُوتُنَا اليَوْمَ مَلِيئَةٌ بِذِكْرِ اللهِ تعالى، أَمْ بِالمُخَالَفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ؟ هَلْ بُيُوتُنَا اليَوْمَ يُقْرَأُ فِيهَا القُرْآنُ العَظِيمُ، أَمْ يُقْرَأُ فِيهَا مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ جَلَّ وَعَلَا؟

بُيُوتُنَا اليَوْمَ مَلِيئَةٌ بِالمُنْكَرَاتِ وَالمَعَاصِي، مُسْلَسْلَاتٌ، أَفْلَامٌ، اخْتِلَاطٌ، تَبَرُّجٌ، ثِيَابُ أَهْلِ النَّارِ، لَهْوٌ وَغَفْلَةٌ، حَتَّى صَارَتْ مَقَرَّاً وَمَسْكَنَاً للشَّيَاطِينِ؛ وَبَيْتٌ مَلِئَ بِالمَعَاصِي وَالمُنْكَرَاتِ كَيْفَ تَدْخُلُهُ المَلَائِكَةُ؟ وَهَلْ مِنَ المَعْقُولِ أَنْ يَكُونَ هَذَا البَيْتُ مُصَدِّرَاً للصَّلَاحِ وَالإِصْلَاحِ؟

الذِّكْرُ وَقُوَّةُ الإِيمَانِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مَا تَهَدَّمَتِ البُيُوتُ إلا بَعْدَ أَنْ صَارَتْ مَرْتَعَاً لِتَنَزُّلِ الشَّيَاطِينِ فِيهَا بِسَبَبِ الإِفْكِ وَالآثَامِ، قَالَ تعالى: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ﴾.

فَهَلْ بِالإِمْكَانِ أَنْ نَرْجِعَ إلى هَدْيِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ إِحْيَاءِ بُيُوتِنَا؟ لَقَدْ قَالَ لَنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَلَامَاً مُحْكَمَاً وَاضِحَاً لَا يَحْتَاجُ إلى شَرْحٍ وَتَفْسِيرٍ: «مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، وَالْبَيْتِ الَّذِي لَا يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْـمَيِّتِ».

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: ذِكْرُ اللهِ تعالى في بُيُوتِنَا سَبَبٌ لِتَنَزُّلِ المَلَائِكَةِ الكِرَامِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْـمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْـشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلَاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ﴾.

ذِكْرُ اللهِ تعالى سَبَبٌ لاطْمِئْنَانِ القُلُوبِ: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾. وَسَبَبٌ لِزِيَادَةِ الإِيمَانِ: ﴿إِنَّمَا الْـمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾. وَدَلِيلٌ على رَجَاحَةِ العُقُولِ: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامَاً وَقُعُودَاً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلَاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: ذِكْرُ اللهِ تعالى وَخَاصَّةً في البُيُوتِ سَبَبٌ لِـشَرْحِ الصَّدْرِ للإِسْلَامِ، وَالتَّوْفِيقِ للقِيَامِ بِشَعَائِرِ الإِسْلَامِ، روى الترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُـسْرٍ، أَنَّ رَجُلَاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ.

قَالَ: «لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبَاً مِنْ ذِكْرِ اللهِ».

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لِنَهْتَمَّ بِبُيُوتِنَا، وَلْنَجْعَلْهَا حَيَّةً بِذِكْرِ اللهِ تعالى، فَرُوحُ البُيُوتِ ذِكْرُ اللهِ تعالى، وَبُيُوتٌ لَا يُذْكَرُ اللهُ تعالى فِيهَا لَا رُوحَ فِيهَا، وَأَعْظَمُ أَنْوَاعِ ذِكْرِ اللهِ تعالى تِلَاوَةُ القُرْآنِ العَظِيمِ، فَالبُيُوتُ التي يُقْرَأُ القُرْآنُ العَظِيمُ فِيهَا لَا تَدْخُلُهَا الشَّيَاطِينُ، روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ».

البُيُوتُ التي يُقْرَأُ فِيهَا القُرْآنُ العَظِيمُ بُيُوتٌ مُنَوَّرَةٌ، وَأَهْلُهَا مُنَوَّرُونَ، وَلَا يَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ، وَيُحْفَظُ أَهْلُهَا مِنَ السِّحْرِ وَأَهْلِهِ، وَمِنْ عُيُونِ الحَاسِدِينَ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ سَيِّدُنَا الحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: تَفَقَّدُوا الْحَلَاوَةَ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: فِي الصَّلَاةِ، وَفِي الذِّكْرِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، فَإِنْ وَجَدْتُمْ، وَإِلَّا فَاعْلَمُوا أَنَّ الْبَابَ مُغْلَقٌ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: ذِكْرُ اللهِ تعالى هُوَ غِذَاءُ القُلُوبِ، وَحَيَاتُهَا وَرُوحُهَا، وَمَتى فَارَقَهَا مَاتَ القَلْبُ، وَصَارَ الجَسَدُ قَبْرَاً لَهُ، يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لاَ يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ذِكْرُ اللهِ تعالى في البُيُوتِ حَيَاةٌ للبُيُوتِ، وَبِهِ تُكْشَفُ الكُرُبَاتُ، وَتَهُونُ المَصَائِبُ، وَيَدَعُ القُلُوبَ الحَزِينَةَ ضَاحِكَةً مَسْرُورَةً لِمَعِيَّةِ اللهِ تعالى للذَّاكِرِينَ، وَقَد جَاءَ في الأَثَرِ، يَقُولُ اللهُ تعالى: أَهْلُ ذِكْرِي أَهْلُ مُجَالَسَتِي.

اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا لِسَانَاً ذَاكِرَاً، وَقَلْبَاً شَاكِرَاً، وَعَمَلَاً مُتَقَبَّلَاً، وَاجْعَلْ بُيُوتَنَا عَامِرَةً بِذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الأحد: 1/ شعبان /1437هـ، الموافق: 8/ أيار / 2016م