9-دروس رمضانية 1437هـ: السعيد من وُفِّقَ للإكثار من الصلاة والسلام على سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ

......

دروس رمضانية 1437هـ

9ـ السعيد من وُفِّقَ للإكثار من الصلاة والسلام على سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: أَسْعَدُ النَّاسِ مَنْ وَفَّقَهُ اللهُ تعالى لِكَثْرَةِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ على سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَهِيَ مِنْ أَجَلِّ العِبَادَاتِ التي يَتَقَرَّبُ بِهَا العَبْدُ إلى اللهِ تعالى، وَبِهَا يَنَالُ مُنَاهُ وَمُرَادَهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.

وَأَوْلَى النَّاسِ بِشَفَاعَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَأَحَقُّهُمْ بِتَقْدِيرِهِ، وَأَخَصُّهُمْ بِعِنَايَتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ هُوَ أَكْثَرُهُمْ صَلَاةً وَسَلَامَاً على سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِذَا كَانَ رَبُّنَا وَمَوْلَانَا في عَظَمَتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ يُصَلِّي على سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِجْلَالَاً لِقَدْرِهِ الشَّرِيفِ، وَتَعْظِيمَاً لِشَأْنِهِ الرَّفِيعِ، وَإِظْهَارَاً لِفَضْلِهِ العَمِيمِ، وَإِشَارَةً إلى قُرْبِهِ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ وَكَذَلِكَ المَلَائِكَةُ الكِرَامُ في السَّمَاوَاتِ وَفي الأَرْضِ يُصَلُّونَ وَيُسَلِّمُونَ على  سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَمَا أَحْرَانَا أَنْ نُكْثِرَ مِنَ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، امْتِثَالَاً لِأَمْرِهِ تَبَارَكَ وتعالى القَائِلِ في كِتَابِهِ العَظِيمِ: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمَاً﴾.

فَمَا أَحْرَانَا أَنْ نُكْثِرَ مِنَ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَضَاءً مِنَّا لِبَعْضِ حَقِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا، فَقَد أَخْرَجَنَا اللهُ تعالى بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ، وَهَدَانَا بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ، وَجَعَلَنَا بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ الأُمَمِ، وَفَضَّلَنَا بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ على سَائِرِ الأُمَمِ، وَكَتَبَ لَنَا بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الرَّحْمَةَ التي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ.

فَضَائِلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ على النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ على سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ فَتْحِ أَبْوَابِ الرَّحْمَةِ لَنَا، وَسَبَبٌ لِشَرْحِ صُدُورِنَا، وَسَبَبٌ لِإِزَالَةِ هُمُومِنَا وَغُمُومِنَا، وَسَبَبٌ لِرَفْعِ مَقَامِ العَبْدِ عِنْدَ اللهِ تعالى.

وَقَد وَرَدَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ في فَضَائِلِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ على سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ مِنْهَا:

أولاً: روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَاً طَيِّبَ النَّفْسِ، يُرَى فِي وَجْهِهِ الْبِشْرُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَصْبَحْتَ الْيَوْمَ طَيِّبَ النَّفْسِ، يُرَى فِي وَجْهِكَ الْبِشْرُ؟

قَالَ: «أَجَلْ، أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ مِنْ أُمَّتِكَ صَلَاةً كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا عَـشْرَ حَسَنَاتٍ، وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ، وَرَفَعَ لَهُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ، وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَهَا».

ثانياً: روى الحاكم عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: دَخَلْتُ الْـمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَارِجٌ مِنَ الْـمَسْجِدِ فَتَبِعْتُهُ أَمْـشِي وَرَاءَهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، حَتَّى دَخَلَ نَخْلَاً فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَسَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ وَأَنَا وَرَاءَهُ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ اللهَ قَدْ تَوَفَّاهُ، فَأَقْبَلْتُ أَمْـشِي حَتَّى جِئْتُهُ، فَطَأْطَأْتُ رَأْسِي أَنْظُرُ فِي وَجْهِهِ.

فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: «مَا لَكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ».

فَقُلْتُ: لَـمَّا أَطَلْتَ السُّجُودَ يَا رَسُولَ اللهِ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ تُوُفِّيَ نَفْسُكَ فَجِئْتُ أَنْظُرُ.

فَقَالَ: «إِنِّي لَـمَّا دَخَلْتُ النَّخْلَ لَقِيتُ جِبْرِيلَ، فَقَالَ: إِنِّي أُبَـشِّرُكَ أَنَّ اللهَ يَقُولُ: مَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ». وفي رِوَايَةٍ: «فَسَجَدْتُ للهِ شُكْرَاً».

ثالثاً: جَاءَ في كَنْزِ العُمَّالِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ وَهَبَ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ عِنْدَ الِاسْتِغْفَارِ، فَمَنِ اسْتَغْفَرَ بِنِيَّةٍ صَادِقَةٍ غُفِرَ لَهُ، وَمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَجَحَ مِيزَانُهُ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ كُنْتُ شَفِيعَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

رابعاً: روى الترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ القِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً».

خامساً: روى ابن ماجه عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ فَإِنَّهُ مَشْهُودٌ، تَشْهَدُهُ الْـمَلَائِكَةُ، وَإِنَّ أَحَدَاً لَنْ يُصَلِّيَ عَلَيَّ، إِلَّا عُرِضَتْ عَلَيَّ صَلَاتُهُ، حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا».

قَالَ: قُلْتُ: وَبَعْدَ الْـمَوْتِ؟

قَالَ: «وَبَعْدَ الْـمَوْتِ، إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ، فَنَبِيُّ اللهِ حَيٌّ يُرْزَقُ».

وروى الإمام أحمد عَنْ أَبِي طَلْحَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ جَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ وَالسُّرُورُ يُرَى فِي وَجْهِهِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا لَنَرَى السُّرُورَ فِي وَجْهِكَ.

فَقَالَ: «إِنَّهُ أَتَانِي مَلَكٌ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَمَا يُرْضِيكَ أَنَّ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: إِنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْكَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِكَ إِلَّا صَلَّيْتُ عَلَيْهِ عَشْرَاً، وَلَا يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِكَ إِلَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ عَشْرَاً؛ قُلْتُ: بَلَى».

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: السَّعِيدُ مَنْ وُفِّقَ للإِكْثَارِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ على سَيِّدِي رسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَيْرِ الأَنَامِ، لما روى الإمام أحمد عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً لَمْ تَزَلِ الْـمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا صَلَّى عَلَيَّ، فَلْيُقِلَّ عَبْدٌ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لِيُكْثِرْ».

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا للإِكْثَارِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ على سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**        **     **

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 5/ رمضان /1437هـ، الموافق: 10/ حزيران / 2016م