136- نحو أسرة مسلمة: الكريم من أكرمها، واللئيم من أهانها

نحو أسرة مسلمة

136ـ الكريم من أكرمها، واللئيم من أهانها

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: إِنَّ العَلَاقَةَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ ثَابِتَةً وَقَوِيَّةً وَمَتِينَةً، وَلَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ إلا إِذَا كَانَتْ قَائِمَةً على التَّفَاهُمِ وَالتَّعَاوُنِ وَالتَّكَامُلِ فِيمَا بَيْنَهُمَا، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ القُرْآنِ العَظِيمِ، وَمِنْ خِلَالِ هَدْيِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا قَامَتْ على هَذَا الأَسَاسِ فَإِنَّ المَوَدَّةَ وَالرَّحْمَةَ تَزْدَادُ بَيْنَهُمَا وَتَدُومُ، وَإِنَّ السَّكَنَ يَتَحَقَّقُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا.

لِهَذَا خَاطَبَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَوْلِيَاءَ البَنَاتِ بِقَوْلِهِ: «إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

لِأَنَّ صَاحِبَ الدِّينِ وَالخُلُقِ يَعْلَمُ بِأَنَّ الزَّوَاجَ مَوَدَّةٌ وَرَحْمَةٌ، وَيَعْلَمُ بِأَنَّهُ يَعِيشُ مَعَ امْرَأَةٍ تُسَيْطِرُ عَلَيْهَا المَشَاعِرُ وَالعَوَاطِفُ وَالأَحَاسِيسُ، فَهُوَ يَتَوَدَّدُ إِلَيْهَا بأَلْطَفِ العِبَارَاتِ، وَيُخَاطِبُهَا بِأَفْضَلِ الأَلْفَاظِ، وَيشْعِرُهَا بِعِظَمِ قِيمَتِهَا في حَيَاتِهِ، وَيَأْخُذُ بِمَشُورَتِهَا في بَعْضِ الأُمُورِ، وَلَا يَتَعَامَلُ مَعَهَا بِجَفَاءٍ وَغِلْظَةٍ وَفَظَاظَةٍ، لِئَلَّا تَسْتَحِيلَ حَيَاتُهَا إلى عَذَابٍ وَشَقَاءٍ، وَلَا يُدْخِلُ مَعَهَا في حَيَاتِهَا امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً مِنْ خِلَالِ الحَدِيثِ مَعَهَا وَالصِّلَاتِ غَيْرِ الشَّرْعِيَّةِ؛ صَاحِبُ الدِّينِ وَالخُلُقِ يَكُونُ حَرِيصَاً كُلَّ الحِرْصِ على قَلْبِ زَوْجَتِهِ مِنْ أَنْ ينْكَسِرَ، لِأَنَّهُ سَمِعَ وَصِيَّةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالنِّسَاءِ، عِنْدَمَا قَالَ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَعِنْدَمَا قَالَ: «رُوَيْدَاً سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ» رواه الشيخان عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: سَأَلَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ أَحَدَ المَجُوسِ: أَيَّ النِّسَاءِ أَنْكِحُ؟

فَقَالَ لَهُ: لَقَدْ كَانَتِ المَرْأَةُ تُنْكَحُ في الجَاهِلِيَّةِ للنَّسَبِ، وَعِنْدَ النَّصَارَى تُنْكَحُ للجَمَالِ، وَعِنْدَ اليَهُودِ تُنْكَحُ للمَالِ، وَعِنْدَ نَبِيِّكُمْ تُنْكَحُ للدِّينِ؛ فَاخْتَرْ أَنْتَ مَنْ تَشَاءُ.

فَيَا مَنِ اخْتَرْتَ صَاحِبَةَ الدِّينِ وَالخُلُقِ، أَحْسِنْ لِزَوْجَتِكَ، وَأَكْرِمْهَا، وَتَعَامَلْ مَعَهَا كَمَا كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَتَعَامَلُ مَعَ نِسَائِهِ.

وَيَا مَنْ تَدَّعِي مَحَبَّةَ اللهِ تعالى وَمَحَبَّةَ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَظْهِرِ البُرْهَانَ على صِدْقِ دَعْوَاكَ مِنْ خِلَالِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. فَصِدْقُ المَحَبَّةِ في صِدْقِ الاتِّبَاعِ.

«خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ»:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: بِكُلِّ أَسَفٍ قَدْ نَجِدُ إِنْسَانَاً مُسْلِمَاً حَسَنَ الخُلُقِ، بَسَّامَاً ضَحَّاكَاً خَارِجَ بَيْتِهِ مَعَ أَصْحَابِهِ وَأَصْدِقَائِهِ، وَلَكِنَّهُ إِذَا دَخَلَ إلى البَيْتِ رُئِيَ الغَضَبُ في وَجْهِهِ، وَلَا يَعْرِفُ كَيْفَ تَكُونُ الابْتِسَامَةُ، مَعَ أَنَّهُ سَمِعَ حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ (أَسْرَى فِي أَيْدِيكُمْ)» رواه الترمذي عَنْ عَمْرِو بْنِ الأَحْوَصِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

فَالمَرْأَةُ كَأَنَّهَا أَسِيرَةٌ عِنْدَ الزَّوْجِ، فَالكَرِيمُ مَنْ أَكْرَمَهَا، وَاللَّئِيمُ مَنْ أَهَانَهَا، الكَرِيمُ مَنْ سَمِعَ قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» رواه الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا. ثمَّ حَقَّقَ هَذِهِ الخَيْرِيَّةَ لِأَهْلِهِ.

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: البُيُوتُ تَتَصَدَّعُ اليَوْمَ بِسَبَبِ عَدَمِ الثِّقَةِ، بِسَبَبِ عَدَمِ الوُدِّ وَالوِئَامِ وَالمُعَامَلَةِ المَبْنِيَّةِ على التَّفَاهُمِ وَالحِوَارِ، وَعَدَمِ تَهْمِيشِ الآخَرِ.

المَرْأَةُ اليَوْمَ تَحْتَاجُ إلى مُدَارَاةٍ وَلُطْفٍ في التَّعَامُلِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْـمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَالاعْوِجَاجُ فِيهَا كَمَالٌ وَلَيْسَ نَقْصَاً، فَهِيَ صَاحِبَةُ عَاطِفَةٍ أَوْسَعُ مِنْ عَقْلِهَا، وَلَوْ أَنَّ المَرْأَةَ صَارَتْ كَالرَّجُلِ لَطَلَّقَهَا الرَّجُلُ.

أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمَانَاً أَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: حُسْنُ العِشْرَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مِنْ أَهَمِّ الرَّكَائِزِ التي يُؤَكِّدُ عَلَيْهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبِهَا تَعِيشُ الأُسْرَةُ في وُدٍّ وَسَلَامٍ وَصَفَاءٍ وَوِئَامٍ، روى الترمذي والحاكم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَكْمَلِ المُؤْمِنِينَ إِيمَانَاً أَحْسَنُهُمْ خُلُقَاً وَأَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ».

فَالدَّعْوَةُ إلى التَّآلُفِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَتَقْوِيَةُ الصِّلَةِ وَالرَّوَابِطِ بَيْنَهُمَا، مِنْ أَهَمِّ مَا أَكَّدَ عَلَيْهِ الشَّرْعُ الحَنِيفُ، وَذَلِكَ ضَمَانَاً لِصِيَانَةِ الأُسْرَةِ مِنَ التَّفَكُّكِ وَالانْشِقَاقِ وَالتَّمَزُّقِ وَالافْتِرَاقِ.

مِنْ هَذَا المُنْطَلَقِ يُذَكِّرُنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِاسْتِحْضَارِ مَحَاسِنِ المَرْأَةِ إِنْ زَلَّتْ وَأَخْطَأَتْ، فَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَفْرَكْ (لَا يُبْغِضْ) مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقَاً رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

على الرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ عَاقِلَاً حَلِيمَاً، وَأَنْ يَسْتَحْضِرَ الصِّفَاتِ الإِيجَابِيَّةَ مِنَ المَرْأَةِ التي تُغَطِّي زَلَّتَهَا، وَتَمْحُو أَخْطَاءَهَا، روى الإمام أحمد عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَكْمَلُ الْـمُؤْمِنِينَ إِيمَانَاً أَحْسَنُهُمْ خُلُقَاً، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِكُمْ».

سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في بَيْتِهِ:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لِنَنْظُرْ إلى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ في بَيْتِهِ، وَلَنَا الأُسْوَةُ وَالقُدْوَةُ فِيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، روى الإمام أحمد أَنَّ رَجُلَاً سَأَلَ عَائِشَةَ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ شَيْئَاً؟

قَالَتْ: نَعَمْ، كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ كَمَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ.

وَلْنَنْظُرْ إلى هَذِهِ الصُّورَةِ في حَيَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، روى الإمام أحمد عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا قَالَتْ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَأَنَا جَارِيَةٌ لَمْ أَحْمِلِ اللَّحْمَ وَلَمْ أَبْدُنْ.

فَقَالَ لِلنَّاسِ: «تَقَدَّمُوا» فَتَقَدَّمُوا؛ ثُمَّ قَالَ لِي: «تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ».

فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ، فَسَكَتَ عَنِّي، حَتَّى إِذَا حَمَلْتُ اللَّحْمَ وَبَدُنْتُ وَنَسِيتُ، خَرَجْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: «تَقَدَّمُوا» فَتَقَدَّمُوا؛ ثُمَّ قَالَ: «تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ».

فَسَابَقْتُهُ، فَسَبَقَنِي، فَجَعَلَ يَضْحَكُ، وَهُوَ يَقُولُ: «هَذِهِ بِتِلْكَ».

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لِنَتَعَلَّمْ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَنَّ التَّعَامُلِ مَعَ الزَّوْجَةِ، وَكَيْفَ تَكُونُ المُرَاعَاةُ لِشُعُورِهَا وَنَفْسِيَّتِهَا، روى الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَعْرِفُ غَضَبَكِ وَرِضَاكِ».

قَالَتْ: قُلْتُ: وَكَيْفَ تَعْرِفُ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: «إِنَّكِ إِذَا كُنْتِ رَاضِيَةً قُلْتِ: بَلَى وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ سَاخِطَةً قُلْتِ: لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ».

قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ، لَسْتُ أُهَاجِرُ إِلَّا اسْمَكَ.

إِنَّهَا دِقَّةُ المُرَاقَبَةِ مِنَ الزَّوْجِ الكَرِيمِ، وَحُسْنُ أَدَبِ الزَّوْجِ في سَاعَةِ الغَضَبِ، فَاللهَ اللهَ في المُعَاشَرَةِ بِالمَعْرُوفِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَيَجِبُ على الرَّجُلِ أَنْ يُنَافِسَ زَوْجَتَهُ في حُسْنِ الأَخْلَاقِ، وَلْيَكُنْ على حَذَرٍ مِنْ أَنْ تَكُونَ هِيَ أَقْرَبَ إلى اللهِ تعالى وإلى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ، وَذَلِكَ بِحُسْنِ أَخْلَاقِهَا، وَلْتَكُنِ المَرْأَةُ على حَذَرٍ مِنْ أَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا أقْرَبَ إلى اللهِ تعالى وإلى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا، وَلْيَذْكُرْ كُلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْـمُتَنَافِسُونَ﴾.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: بُيُوتُ المُسْلِمِينَ يَجِبُ أَنْ لَا تَعْرِفَ المَشَاكِلَ، وَلَا تَعْرِفَ تَنْغِيصَ العَيْشِ، لِأَنَّهَا إِذَا اخْتَلَفَتْ في أَمْرٍ مَا فَعِنْدَهَا كِتَابُ اللهِ تعالى، وَسُنَّةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَفِيهِمَا الدَّوَاءُ الشَّافِي، وَالعِلَاجُ الكَافِي.

نَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَرْزُقَنَا المُعَاشَرَةَ التي تُرْضِيهِ جَلَّ وَعَلَا عَنَّا، وَنَعُوذُ بِاللهِ تعالى أَنْ يَطَّلِعَ على عَوْرَةٍ مِنَّا تُغْضِبُهُ في عِشْرَةِ الأَهْلِ. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الأحد: 26/ شوال /1437هـ، الموافق: 31/ تموز / 2016م