70-مع الصحابة وآل البيت :لولا معاذ هلك عمر

.

مع الصحابة وآل البيت رَضِيَ اللهُ عَنهُم

70ـ لولا معاذ هلك عمر

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الأُمَّةُ لَا يَسْتَقِيمُ حَالُهَا، وَلَا يَصْلُحُ شَأْنُهَا، إلا إِذَا صَلَحَ شَبَابُهَا وَنَاشِئَتُهَا، وَمَا فَسَدَتْ أُمَّةٌ مِنَ الأُمَمِ إلا بِفَسَادِ شَبَابِهَا وَشَابَّاتِهَا، لِأَنَّ الشَّبَابَ وَالشَّابَّاتِ هُمَا اللَّبِنَةُ الأَسَاسِيَّةُ التي يَنْشَأُ عَلَيْهَا المُجْتَمَعُ.

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَعُدَّةُ الزَّمَانِ مِنْ حَيْثُ الأَسْبَابُ هُمُ الشَّبَابُ وَالشَّابَّاتُ الذينَ يَنْشَؤُونَ في طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، الذينَ لَا تَكَادُ تُعْرَفُ لَهُمْ نَزْوَةٌ، أَو تُعْهَدُ عَلَيْهِمْ صَبْوَةٌ، الذينَ يَتَسَابَقُونَ في مَيَادِينِ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ.

هَؤُلَاءِ هُمُ الذينَ وَعَدَهُمُ اللهُ تعالى بِالحَيَاةِ الطَّيِّبَةِ في دُنْيَاهُمْ، قَالَ تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحَاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾. وَوَعَدَهُمْ بِظِلِّ العَرْشِ يَوْمَ القِيَامَةِ: «وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لَنْ تَفْسَدَ أُمَّةٌ، وَتَهْلَكَ مَعَ الهَالِكِينَ، إلا بِفَسَادِ شَبَابِهَا وَشَابَّاتِهَا، وَلَنْ يَنَالَ أَعْدَاءُ الأُمَّةِ مِنَ الأُمَّةِ إلا إِذَا نَالُوا مِنْ شَبَابِهَا وَشَابَّاتِهَا.

وَمَنْ أَرَادَ أَنْ تَكُونَ ذُريَّتُهُ قُرَّةَ عَيْنٍ لَهُ، فَلْيَهْتَمَّ بِتَرْبِيَةِ الشَّبَابِ وَالشَّابَّاتِ، وَلْيَكُنْ على حَذَرٍ مِنْ مَكْرِ الشَّرْقِ وَالغَرْبِ وَأَذْنَابِهِمْ، الذينَ وَجَّهُوا السِّهَامَ المَسْمُومَةَ إلى صُدُورِ شَبَابِ وَشَابَّاتِ هَذِهِ الأُمَّةِ.

مَنْ أَرَادَ صَلَاحَ المُجْتَمَعِ، فَلْيَهْتَمَّ بِالشَّبَابِ وَالشَّابَّاتِ، وَلْيَضْرِبْ لَهُمْ أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ مِنْ حَيَاةِ سَلَفِ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَخَاصَّةً مِنْ شَبَابِ سَلَفِ هَذِهِ الأُمَّةِ.

سَطَّرَ على جَبِينِ الزَّمَانِ المَجْدَ وَالعَظَمَةَ:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: مِنْ شَبَابِ سَلَفِ هَذِهِ الأُمَّةِ سَيِّدُنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، هَذَا الشَّابُّ الذي أَسْلَمَ في الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ مِنْ عُمُرِهِ، وَتُوُفِّيَ في الثَّالِثَةِ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ عُمُرِهِ.

سَنَوَاتٌ قَلِيلَةٌ عَاشَهَا رَضِيَ اللهُ عَنهُ في ظِلَالِ الإِسْلَامِ، سَطَّرَ خِلَالَهَا على جَبِينِ الزَّمَانِ، وَعَلَى صَفَحَاتِ التَّارِيخِ وَالأَيَّامِ، هَذَا المَجْدَ وَهَذِهِ العَظَمَةَ وَهَذَا الخُلُودَ، حَتَّى قَالَ لَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا مُعَاذُ، وَاللهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ» رواه أبو داود عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

يَا أَيُّهَا الشَّبَابُ، سَلُوا أَنْفُسَكُمْ: مَنِ الذي يَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي أُحِبُّكُمْ؟

كُونُوا على حَذَرٍ مِنْ مَحَبَّةِ الفَاسِقِينَ الفَاجِرِينَ العُصَاةِ، كُونُوا على حَذَرٍ مِنْ حُبِّ النِّسَاءِ المُدَنَّسِ بِالشَّهَوَاتِ الذي يُضَيِّعُ القِيَمَ وَالأَخْلَاقَ، وَكُونُوا على يَقِينٍ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ يُسَطِّرُ لِنَفْسِهِ ذِكْرَاً وَتَارِيخَاً سَيُذْكَرُ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ.

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: سَيِّدُنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ كَانَ مِنَ الشَّبَابِ الذينَ جَمَعُوا القُرْآنَ الكَرِيمَ على عَهْدِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مِمَّا جَعَلَهُ مَحَلَّ فَخْرٍ وَاعْتِزَازٍ لِقَوْمِهِ الخَزْرَجِ.

روى الحاكم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: افْتَخَرَ الْحَيَّانِ مِنَ الْأَنْصَارِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ.

فَقَالَتِ الْأَوْسُ: مِنَّا مَنِ اهْتَزَّ لِمَوْتِهِ عَرْشُ الرَّحْمَنِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَمِنَّا مَنْ حَمَتْهُ الدَّبْرُ (الدَّبَابِيرُ أَو النَّحْلُ) عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْأَقْلَحِ، وَمِنَّا مَنْ غَسَّلَتْهُ الْـمَلَائِكَةُ حَنْظَلَةُ بْنُ الرَّاهِبِ، وَمِنَّا مَنْ أُجِيزَتٍ شَهَادَتُهُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ.

وَقَالَ الْخَزْرَجِيُّونَ: مِنَّا أَرْبَعَةٌ جَمَعُوا الْقُرْآنَ لَمْ يَجْمَعْهُ غَيْرُهُمْ، أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ.

كَانَ يُفْتِي الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُم في زَمَنِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: هَذَا الشَّابُّ الفَتَى رَضِيَ اللهُ عَنهُ وَأَرْضَاهُ كَانَ بِالإِضَافَةِ إلى تَعْلِيمِ القُرْآنِ للصَّحَابَةِ، كَانَ يُفْتِيهِمْ في أُمُورِ دِينِهِمْ على عَهْدِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، بِرِضَاً مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَبِتَوْجِيهٍ مِنْهُ.

روى الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالحَلَالِ وَالحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ».

وَلَا شَكَّ أَنَّ فِقْهَ الحَلَالِ وَالحَرَامِ الذي تَخَصَّصَ بِهِ مُعَاذٌ يَحْتَاجُ إلى عَقْلٍ مُسْتَنِيرٍ، وَبَصِيرَةٍ وَقَّادَةٍ، وَفَهْمٍ ذَكِيٍّ للنُّصُوصِ، وَقُدْرَةٍ على استِنْبَاطِ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْهَا، وَدِرَايَةٍ بِالمُعَامَلَاتِ الجَارِيَةِ، وَخَوْفٍ مِنَ اللهِ تعالى وَرَقَابَةٍ لَهُ، تَجْعَلُهُ يُرَاجِعُ النَّظَرَ فِيمَا يُسْتَفْتَى بِهِ، مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ، حَتَّى لَا يُحِلَّ مَا حَرَّمَ اللهُ، وَلَا يُحَرِّمَ مَا أَحَلَّ اللهُ، كَمَا يَحْتَاجُ الفَقِيهُ إلى وَرَعٍ يُحَاذِرُ مَعَهُ الوُقُوعَ فِيمَا تَلْتَبِسُ بِهِ الأُمُورُ وَتَخْتَلِطُ، وَخَاصَّةً فِي الأُمُورِ المُشْتَبِهَاتِ.

وَحَسْبُهُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ أَفْقَهُ الأُمَّةِ وَالصَّحَابَةِ في الحَلَالِ وَالحَرَامِ، حَتَّى نَعْلَمَ وَنَتَأَكَّدَ مِنْ تَوَفُّرِ تِلْكَ الصِّفَاتِ وَالشُّرُوطِ فِيهِ؛ وَلَقَدْ بَقِيَ مُعَاذٌ فَقِيهَ الأُمَّةِ وَمَرْجِعَهَا في أَمْرِ الحَلَالِ وَالحَرَامِ طِيلَةَ حَيَاتِهِ، أَيْ خِلَالَ عَصْرَيِ الخَلِيفَتَيْنِ الرَّاشِدَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا.

وَقَدْ قَالَ الفَارُوقُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ الْقُرْآنِ فَلْيَأْتِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ الْفَرَائِضِ فَلْيَأْتِ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ الْفِقْهِ فَلْيَأْتِ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ الْـمَالِ فَلْيَأْتِنِي؛ فَإِنَّ اللهَ جَعَلَنِي لَهُ وَالِيَاً وَقَاسِمَاً.

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: هَذَا الشَّابُّ الفَتَى رَضِيَ اللهُ عَنهُ وَأَرْضَاهُ كَانَ يَتَمَتَّعُ بِمَنْزِلَةٍ عَظِيمَةٍ في نُفُوسِ كِبَارِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم وَأَرْضَاهُمْ، فَهَذَا سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ الذي جَعَلَ اللهُ تعالى الحَقَّ في قَلْبِهِ وَعَلَى لِسَانِهِ، حَيْثُ قَالَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ جَعَلَ الحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ» رواه الترمذي عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا.

يَقُولُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ في حَقِّهِ: عَجَزَتِ النِّسَاءُ أَنْ يَلِدْنَ مِثْلَ مُعَاذٍ، لَوْلَا مُعَاذٌ هَلَكَ عُمَرُ. رواه ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ.

وروى الحاكم عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ مُعَاذَاً كَانَ أُمَّةً قَانِتَاً للهِ حَنِيفَاً.

فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: غَلِطَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتَاً للهِ﴾.

قَالَ: أَتَدْرِي مَا الْأُمَّةُ؟ وَمَا الْقَانِتُ؟

فَقُلْتُ: اللهُ أَعْلَمُ.

قَالَ: الْأُمَّةُ الَّذِي يَعَلِّمُ الْخَيْرَ، وَالْقَانِتُ الْـمُطِيعُ للهِ وَلِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ وَكَذَلِكَ كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، كَانَ مُعَلِّمَ الْخَيْرِ، وَكَانَ مُطِيعَاً للهِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: سَيِّدُنَا مُعُاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ لَازَمَ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُدَّةً قَصِيرَةً، حَيْثُ أَسْلَمَ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِقَلِيلٍ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ عَـشْرَةَ سَنَةٍ، وَتُوُفِّيَ في الثَّالِثَةِ وَالثَّلَاثِينَ كَأَقْصَى مَا قِيلَ فِيهِ، مَعَ قِصَرِ هَذِهِ المُدَّةِ فَقَدْ حَازَ عِلْمَاً كَثِيرَاً، وَنَالَ فَضْلَاً عَظِيمَاً، فَكَانَ أَفْقَهَ النَّاسِ في الحَلَالِ وَالحَرَامِ، وَمَحَلَّ ثِقَةِ وَثَنَاءِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مَعَ المَحَبَّةِ لَهُ.

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: لَوْ نَظَرْنَا إلى أَنْفُسِنَا، وَإلى شَبَابِنَا اليَوْمَ، وَأَرَدْنَا أَنْ نَجْعَلَ مُقَارَنَةً بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَيِّدِنَا مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ وَتَارِيخِهِ، لَتَحَسَّرْنَا على حَيَاتِنَا، وَلَبَكَيْنَا دَمَاً بَدَلَ الدَّمْعِ خَجَلَاً وَحَيَاءً على مَا قَدَّمْنَا لِدِينِنَا وَلِآخِرَتِنَا، لِمَنْ نَعِيشُ نَحْنُ؟ وَلِمَنْ عَاشَ سَيِّدُنَا مُعَاذٌ رَضِيَ اللهُ عَنهُ وَأَرْضَاهُ؟

لَقَدْ سَطَّرَ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنهُ تَارِيخَاً، وَنَحْنُ نُسَطِّرُ تَارِيخَاً، فَأَيُّ التَّارِيخَيْنِ يُبَيِّضُ الوَجْهَ، وَيَجْعَلُ الذِّكْرَ الحَسَنَ، وَلِسَانَ صِدْقٍ في الآخِرِينَ؟

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِأَنْ نَسِيرَ سَيْرَ الرِّجَالِ الصَّادِقِينَ المُخْلِصِينَ المُخْلَصِينَ. آمين.

**        **     **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 8/ ذو القعدة /1437هـ، الموافق: 11/آب / 2016م