9-الإنسان في القرآن العظيم:استغفار حملة العرش للمؤمنين

 

الإنسان في القرآن العظيم

9ـ استغفار حملة العرش للمؤمنين

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ مَغْفِرَةَ اللهِ تعالى لِذُنُوبِ العَبْدِ عَطِيَّةٌ عَظِيمَةٌ؛ وَأَرْجَى آيَةٍ في كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ هِيَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾. وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: أَيَّامُ عُمُرِنَا تَذْهَبُ هَدْرَاً، وَلَا نَدْرِي قِيمَتَهَا، وَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدَّاً﴾. آخِرُ العَدَدِ فِرَاقُ أَرْوَاحِنَا لِأَجْسَادِنَا، آخِرُ العَدَدِ عِنْدَمَا نُحْمَلُ على النَّعْشِ وَنُسَاقُ إلى قَبْرِنَا، آخِرُ العَدَدِ المُرُورُ بِعَرَصَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، آخِرُ العَدَدِ عِنْدَمَا نَجْتَازُ الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ، فَهَلْ نَتَّقِي اللهَ عَزَّ وَجَلَّ في أَنْفَاسِ أَعْمَارِنَا، وَنُبَادِرُ إلى التَّوْبَةِ، لِأَنَّ مَغْفِرَةَ الذَّنْبِ نِعْمَةٌ قَدْرُهَا عَظِيمٌ عِنْدَ اللهِ تعالى، وَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ﴾. يَعْنِي أَنَّ أَقَلَ تَوْبَةٍ يَقْبَلُهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَتِ التَّوْبَةُ تَوْبَةً نَصُوحَاً؟

نِعْمَ الرَّبُّ رَبُّنَا عِنْدَمَا يُخَاطِبُنَا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: «يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعَاً، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

﴿وَاللهُ يَدْعُو إِلَى الجَنَّةِ وَالمَغْفِرَةِ﴾:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ تَمَامِ فَضْلِ اللهِ تعالى على العَبْدِ وَتَكْرِيمِهِ إِيَّاهُ، أَنَّ اللهَ تعالى وَصَفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ الغَفَّارُ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ﴾. وَكَتَبَ الرَّحْمَةَ على نَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الخَلْقَ، روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ لَمَّا قَضَى الخَلْقَ، كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي».

مِنْ تَكرِيمِ اللهِ تعالى للإِنْسَانِ أَنَّهُ دَعَاهُ إلى التَّوْبَةِ وَالاسْتِغْفَارِ مَهْمَا كَانَتْ ذُنُوبُهُ وَخَطَايَاهُ، حَتَّى فَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ أَمَامَ الذينَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالمَسْكَنَةُ، هَؤُلَاءِ اليَهُودُ الذينَ قَالُوا: ﴿يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ﴾. وَقَالُوا: ﴿إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾. وَالذينَ ادَّعَوْا للهِ تعالى الوَلَدَ، وَقَتَلُوا الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ.

وَفَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ أَمَامَ النَّصَارَى الذينَ قَالُوا: ﴿إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ﴾. وَقَالُوا مَا قَالُوا، فَقَالَ اللهُ تعالى  لَهُمْ وَلِلْيَهُودِ: ﴿أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾؟ وَقَالَ: ﴿فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرَاً لَهُمْ﴾.

وَفَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ أَمَامَ الذينَ يَقْتُلُونَ المُؤْمِنِينَ بِغَيْرِ حَقٍّ، قَالَ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ﴾.

فَأَيُّ كَرَمٍ أَعْظَمُ وَأَفْضَلُ مِنْ كَرَمِ اللهِ تعالى؟ وَأَيُّ نِعْمَةٍ سَابِغَةٍ أَفْضَلُ وَأَجَلُّ وَأَكْبَرُ مِنْ نِعَمِ اللهِ تعالى؟ هَذَا فِعْلُهُ تَبَارَكَ وتعالى مَعَ مَنْ عَصَاهُ، فَكَيْفَ بِمَن أَطَاعَهُ؟ هَذَا إِذَا كَانَ مَعَ الذينَ كَانُوا بَعِيدِينَ عَنِ اللهِ تعالى، فَكَيْفَ بِمَنْ كَانُوا قَرِيبِينَ مِنْهُ؟

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ تَكْرِيمِ اللهِ تعالى لِعَبدِهِ أَنَّهُ مَنَّ عَلَيْهِ بِالمَغْفِرَةِ إِذَا تَابَ إِلَيْهِ، قَالَ تعالى: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ اهْتَدَى﴾. لَقَدْ مَنَّ اللهُ تعالى على عِبَادِهِ بِذَلِكَ مَهْمَا وَقَعُوا في الذُّنُوبِ، إِذَا تَابُوا إِلَيْهِ، روى الإمام الحاكم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَالَ: وَعِزَّتِكَ يَا رَبِّ لَا أَبْرَحُ أُغْوِي عِبَادَكَ مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ؛ فَقَالَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَزَالُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي».

اسْتِغْفَارُ حَمَلَةِ العَرْشِ للمُؤْمِنِينَ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ تَكْرِيمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِعِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ أَنْ كَلَّفَ اللهُ تعالى المَلَائِكَةَ حَمَلَةَ العَرْشِ أَنْ يَسْتَغْفِرُوا للمُؤْمِنِينَ، قَالَ تعالى: ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمَاً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مَنْ نَحْنُ حَتَّى تَسْتَغْفِرَ لَنَا حَمَلَةُ العَرْشِ، هَؤُلَاءِ المَلَائِكَةُ الكِرَامُ الذينَ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَتَهُمْ إِلَّا اللهُ تعالى، وَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَقَدْ أُذِنَ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُحَدِّثَ الأُمَّةَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ.

روى أبو يعلى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ قَدْ مَرَقَتْ رِجْلَاهُ الْأَرْضَ السَّابِعَةَ (أَيْ: وَصَلَتَا إِلَيْهَا وَخَرَقَتَاهَا وَخَرَجَتَا مِنْ جَانِبِهَا الآخَرِ) وَالْعَرْشُ عَلَى مَنْكِبِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: سُبْحَانَكَ أَيْنَ كُنْتَ؟ وَأَيْنَ تَكُونُ؟».

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مَا هَذَا التَّكْرِيمُ لِهَذَا الإِنْسَانُ المُؤْمِنُ؟ هَلْ عَرَفْتَ قَدْرَ نِعْمَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكَ؟

يَقُولُ سَيِّدُنَا يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: يَا غَفُولُ يَا جَهُولُ، لَوْ سَمِعْتَ صَرِيرَ الأَقْلَامِ في اللَّوْحِ المَحْفُوظِ وَهِيَ تَكْتُبُ اسْمَكَ عِنْدَ ذِكْرِكَ مَوْلَاكَ لَمِتَّ شَوْقَاً إلى مَوْلَاكَ.

تَكْرِيمٌ مِنَ اللهِ تعالى مَا قَدَّرَهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.

مَلَائِكَةٌ لَا يَعْلَمُ عَدَدَهُمْ إِلَّا اللهُ تعالى، يَسْتَغْفِرُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ، كَمْ هُوَ شَرَفٌ عَظِيمٌ؛ فَهَلْ مِنَ المَعْقُولِ أَنْ يَحْرِمَ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ مِنْ هَذَا الفَضْلِ، وَخَاصَّةً بَعْدَ أَنْ سَمِعَ قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ، وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ، أَطَّتِ السَّمَاءُ (أَيْ: صَوَّتَتْ) وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدَاً للهِ، وَاللهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلَاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرَاً، وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الفُرُشِ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللهِ (أَيْ: تَتَضَرَّعُونَ إِلَيْهِ بِالدُّعَاءِ) لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ شَجَرَةً تُعْضَدُ (تُقْطَعُ وَتُسْتَأْصَلُ)» كُلُّ هَؤُلَاءِ يَسْتَغْفِرُونَ للعَبْدِ المُؤْمِنِ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَلْ مِنْ مُقَدِّرٍ لِنِعْمَةِ اللهِ تعالى عَلَيْهِ، وَذَلِكَ بِالمُسَارَعَةِ إلى التَّوْبَةِ وَالاسْتِغْفَارِ وَالإِنَابَةِ؟ قَالَ تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَا نُغَالِطْ أَنْفُسَنَا بِالاعْتِمَادِ على سَعَةِ رَحْمَةِ اللهِ تعالى وَمَغْفِرَتِهِ بِدُونِ عَمَلٍ، لِأَنَّ رَبَّنَا عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ غَفَّارَاً لِمَنْ أَصَرَّ على المَعَاصِي وَدَاوَمَ عَلَيْهَا، فَهُوَ القَائِلُ: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ اهْتَدَى﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾.

رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ غَفَّارَاً إِلَّا لِمَنْ حَقَّقَ شُرُوطَ المَغْفِرَةِ، قَالَ تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ﴾.

فَيَا مَنْ أَرَادَ التَّكْرِيمَ مِنَ اللهِ تعالى بِالمَغْفِرَةِ، عَلَيَّ وَعَلَيْهِ بِالإِقْلَاعِ عَنِ الذَّنْبِ، وَالتَّوْبَةِ وَالإِنَابَةِ، وَالجَزْمِ على أَنْ لَا تَعُودَ، وَأَنْ نُعِيدَ الحُقُوقَ لِأَصْحَابِهَا.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِذَلِكَ. آمين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الأربعاء: 13/ ربيع الثاني /1438هـ، الموافق: 11/ كانون الثاني / 2017م