270ـ مع الحبيب المصطفى: ما أجمل العفو عند المقدرة

 

مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

270ـ ما أجمل العفو عند المقدرة

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ أَصْبَحْنَا في زَمَنٍ لَوْ ظُلِمَ فِيهِ أَحَدُنَا بِنَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ، أَوْ في أَيِّ حَاجَةٍ مِنْ حَوَائِجِهِ، أَوْ مَصْلَحَةٍ مِنْ مَصَالِحِهِ، أَلْبَسَ قَضِيَّتَهُ بِلِبَاسِ الدِّينِ، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَنْتَقِمَ لِدِينِ اللهِ تعالى لَا لِنَفْسِهِ، وَأَنَّهُ يَذُبُّ وَيُدَافِعُ عَنْ دِينِ اللهِ تَبَارَكَ وتعالى، وَهُوَ في الحَقِيقَةِ يَذُبُّ وَيُدَافِعُ عَنْ نَفْسِهِ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يــُنَافِحُ عَنْ دِينِ اللهِ تعالى، وَهُوَ في الحَقِيقَةِ يُنَافِحُ عَنْ نَفْسِهِ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ تَجْرِيدَ المَقَاصِدِ، وَإِخْلَاصَ النِّيَّاتِ في الأَعْمَالِ لَأَمْرٌ عَظِيمٌ، فَالنَّاسُ هَلْكَى إِلَّا العَالِمُونَ، وَالعَالِمُونَ هَلْكَى إِلَّا العَامِلُونَ، وَالعَامِلُونَ هَلْكَى إِلَّا المُخْلِصُونَ، وَالمُخْلِصُونَ على خَطَرٍ عَظِيمٍ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَاللهِ إِنَّ أَهْلَ التَّقْوَى يَخَافُونَ اللهَ تعالى يَوْمَ القِيَامَةِ، يَخَافُونَ أَنْ تُـضْرَبَ وُجُوهُهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ، يَخَافُونَ يَوْمَاً عَظِيمَاً تَشِيبُ فِيهِ الوِلْدَانُ، حَيْثُ الخَطَرُ مُحدِقٌ بِالجَمِيعِ، يَخَافُونَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورَاً﴾. وَقَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْـسَرِينَ أَعْمَالَاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعَاً﴾.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: العَاقِلُ هُوَ الذي يَخْشَى أَنْ يَنْقَلِبَ عَمَلُهُ فَيَكُونَ هَبَاءً مَنْثُورَاً، وَيَخْشَى أَنْ يَنْدَرِجَ تَحْتَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارَاً حَامِيَةً﴾. وَيَخْشَى أَنْ يَنْدَرِجَ تَحْتَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَمَا ذَكَرَ العَالِمَ وَالمُنْفِقَ وَالمُجَاهِدَ: «أُولَئِكَ الثَّلَاثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللهِ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

كُنْ حَلِيمَاً:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ إلى التَّأَسِّي بِمَنْ قَالَ اللهُ تعالى في حَقِّهِ: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾. صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

أَنَا على يَقِينٍ بِأَنَّهُ مَا عُرِفَ على وَجْهِ هَذِهِ البَسِيطَةِ مَظْلُومٌ مِنَ البَشَرِ تَوَاطَأَ النَّاسُ على ظُلْمِهِ مِثْلُ سَيِّدِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ فَقَدْ نَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الشَّتَائِمَ وَالسِّبَابَ مِنْ كَافَّةِ طَبَقَاتِ المُجْتَمَعِ، وَقَدْ هَجَاهُ الشُّعَرَاءُ، وَسَخِرَ مِنْهُ السَّادَةُ، وَآذَاهُ الصِّبْيَانُ ـ بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ وَنَالَ مِنَهُ السَّحَرَةُ، وَمَعَ كُلِّ هَذَا مَا حَوَّلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هَذَا الإِيذَاءَ الذي أَصَابَهُ إلى انْتِقَامٍ لِنَفْسِهِ الشَّرِيفَةِ بِاسْمِ الدِّينِ، وَبِاسْمِ الغَيْرَةِ على شَرْعِ اللهِ تعالى، وَبِاسْمِ الغَضَبِ للهِ تعالى، وَبِاسْمِ الدِّفَاعِ عَنْ حِيَاضِ الشَّرِيعَةِ؛ بَلْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَعْفُو وَيَصْفَحُ، مَعَ الحِلْمِ الذي تَحَلَّى بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

جَاءَ في الرَّحِيقِ المَخْتُومِ، عِنْدَمَا كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في طَرِيقِهِ إلى فَتْحِ مَكَّةَ، فَلَقِيَ في الأَبْوَاءِ ابْنَ عَمِّهِ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الحَارِثِ وَابْنَ عَمَّتِهِ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ؛ فَأَعْرَضَ عَنْهُمَا، لِمَا كَانَ يَلْقَاهُ مِنْهُمَا مِنْ شِدَّةِ الأَذَى وَالهَجْوِ.

فَقَالَتْ لَهُ أُمُّ سَلَمَةَ: لَا يَكُنِ ابْنُ عَمِّكَ وَابْنُ عَمَّتِكَ أَشْقَى النَّاسِ بِكَ.

وَقَالَ عَلِيٌّ لِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ الحَارِثِ: ائْتِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ فَقُلْ لَهُ مَا قَالَ إِخْوَةُ يُوسُفَ لِيُوسُفَ: ﴿قالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ﴾. فَإِنَّهُ لَا يَرْضَى أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ أَحْسَنَ مِنْهُ قَوْلَاً.

فَفَعَلَ ذَلِكَ أَبُو سُفْيَانَ؛ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «﴿لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾».

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مَا كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَرْضَى أَنْ يَسْبِقَهُ أَحَدٌ في مَوْقِفٍ مِنْ مَوَاقِفِ مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ، لَقَدْ كَانَتْ أَخْلَاقُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هِيَ مِيزَةَ شَخْصِيَّتِهِ الكُبْرَى، كَيْفَ لَا يَكُونُ هَكَذَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ القَائِلُ في بَيَانِ مُهِمَّتِهِ مِنْ هَذِهِ الرِّسَالَةِ: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ»؟ رواه الإمام أحمد والحاكم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

«اذْهَبُوا فَأنْتُمُ الطُّلَقَاءُ»:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَا يَجُوزُ لَنا أَنْ نَتَلَاعَبَ بِدِينِ اللهِ تعالى، وَلَا يَجُوزُ أَنْ نُلْبِسَ الظُّلْمَ الذي يَقَعُ عَلَيْنَا لِبَاسَ الدِّينِ، وَيَخْرُجَ الوَاحِدُ عَنْ طَوْرِهِ وَعَنْ حُدُودِ الشَّرِيعَةِ بِاسْمِ الانْتِقَامِ لِدِينِ اللهِ تعالى، وَهُوَ في الحَقِيقَةِ لَا يَنْتَقِمُ إِلَّا لِنَفْسِهِ، وَيَقَعُ في ظُلْمِ الآخَرِينَ بِاسْمِ الدِّفَاعِ وَالذَّبِّ عَنْ دِينِ اللهِ تعالى.

هَذَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَأْتِيهِ اليَوْمُ المَوْعُودُ الذي يَفْتَحُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ على نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ.

يَدْخُلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، وَيَطُوفُ بِالبَيْتِ وَيَجْلِسُ، فَيَجْلِسُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِ، وَالعُيُونُ شَاخِصَةٌ نَحْوَهُ، وَالقَوْمُ مُشْرَئِبُّونَ إلى مَعْرِفَةِ صَنِيعِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِأَعْدَائِهِ شَبَابِهِمْ وَشُيُوخِهِمْ، فَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَلِمَتَهُ المَشْهُورَةَ: «يَا مَـعْشَرَ قُرَيْشٍ، مَا تَرَوْنَ أَنِّي فَاعِلٌ بِكُمْ؟».

قَالُوا: خَيْرَاً، أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ.

فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ كَمَا قَالَ يُوسُفُ لِإِخْوَتِهِ: لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ، اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ».

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: دَقِّقُوا في قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ كَمَا قَالَ يُوسُفُ لِإِخْوَتِهِ». مَاذَا تَشُمُّونَ مِنْ هَذِهِ الكَلِمَةِ؟ هَلْ تَشُمُّونَ مِنْهَا رَائِحَةَ حِقْدٍ وَبُغْضٍ، أَمْ رَائِحَةَ الشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ؟

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مَا أَجْمَلَ العَفْوَ عِنْدَ المَقْدِرَةِ! وَمَا أَجْمَلَ السَّعَةَ عِنْدَ الضِّيقِ! وَمَا أَجْمَلَ العِزَّةَ عِنْدَ الذِّلَّةِ! وَمَنْ أَحَقُّ بِذَلِكَ إِنْ لَمْ يَكُنْ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ وَصَدَقَ اللهُ تعالى القَائِلُ: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مُعَالَجَةُ الجَاهِلِيَّةِ، وَمُعَالَجَةُ الظَّلَامِ، وَمُعَالَجَةُ الفَسَادِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالحِلْمِ وَالعَفْوِ ﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظَّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ اخْتِلَافَ أَوْضَاعِ النَّاسِ، وَاخْتِلَافَ سُلُوكِهِمْ وَأَخْلَاقِهِمْ وَخِلَالِهِمْ هُوَ في الحَقِيقَةِ امْتِحَانٌ بَالِغُ الجَدْوَى، قَالَ تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرَاً﴾.

فَفِي النَّاسِ الحَلِيمُ الأَرِيبُ الحَصِيفُ المُتَأَنِّي، الذي إِذَا اسْتَفَزَّتْهُ الشَّدَائِدُ بَقِيَ على وَقْعِهَا الأَلِيمِ مُحْتَفِظَاً بِرَجَاحَةِ عَقْلِهِ وَفِكْرِهِ، وَسَمَاحَةِ خُلُقِهِ، وَكَظْمِ غَيْظِهِ، وَلَا يَجْهَلُ على مَنْ يَجْهَلُ عَلَيْهِ، بَلْ حَقَّقَ قَوْلَهُ تعالى: ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامَاً﴾. وَقَوْلَهُ تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾. وَقَوْلَهُ تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾. وَقَوْلَهُ تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْـمُحْسِنِينَ﴾.

وَفِي النَّاسِ الطَّائِشُ الأَهْوَجُ الذي تَسْتَخِفُّهُ التَّوَافِهُ، فَيَسْتَحْمِقُ على عَجَلٍ، وَيَكُونُ لِسَانُهُ وَفِعْلُهُ قَبْلَ قَلْبِهِ وَعَقْلِهِ، فَلَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ، وَلَا يَتَرَيَّثُ، بَلْ يَهْذِي بِكَلَامِهِ وَأَفْعَالِهِ التي يَحْتَاجُ بَعْدَهَا إلى الاعْتِذَارِ، وَقَدْ حَذَّرَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: «وَلَا تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ غَدَاً» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: أُذَكِّرُ نَفْسِي وَإِيَّاكُمْ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾. هَلْ سَنَعْتَذِرُ غَدَاً مِنْ أَقْوَالٍ قُلْنَاهَا، أَوْ مِنْ أَفعَالٍ فَعَلْنَاهَا، أَمْ لَا؟ ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾.

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 21/ صفر الخير /1438هـ، الموافق: 21/ تشرين الثاني / 2016م