125ـ كلمة شهر رجب 1438: لنستعد ليوم عظيم

 

125ـ كلمة شهر رجب 1438: لنستعد ليوم عظيم

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لِنَحْذَرْ مِنْ أَسْبَابِ سَخَطِ اللهِ تعالى، وَلْنَسْتَيْقِظْ مِنْ هَذِهِ الغَفْلَةِ، لَقَدْ أَوْقَعَتْنَا الغَفْلَةُ في ارْتِكَابِ المُحَرَّمَاتِ، حَتَّى صَارَ الكَثِيرُ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَفْعَلُهَا جِهَارَاً نَهَارَاً دُونَ حَيَاءٍ وَلَا مُبَالَاةٍ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا بِسَبَبِ البُعْدِ عَنِ اللهِ تعالى، وَعَمَّا يُقَرِّبُ إِلَيْهِ تَبَارَكَ وتعالى، وَمَنْ غَفَلَ عَنِ اللهِ تعالى وَنَسِيَهُ، يَنْسَاهُ اللهُ تعالى ﴿جَزَاءً وِفَاقَاً﴾. ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾.

لِنَسْتَعِدَّ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لِنَسْتَعِدَّ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ، يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ فِيهِ لِرَبِّ العَالَمِينَ، هَذَا اليَوْمُ سَوْفَ نَرَاهُ عَيَانَاً، قَالَ تعالى: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجَاً * وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابَاً * وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابَاً﴾.

لِنَسْتَعِدَّ لِذَلِكَ اليَوْمِ يَوْمِ القِيَامَةِ ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالمَلَائِكَةُ صَفَّاً لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابَاً * ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبَاً * إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابَاً قَرِيبَاً يَوْمَ يَنْظُرُ المَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابَاً﴾.

لِنَسْتَعِدَّ لِذَلِكَ اليَوْمِ يَوْمِ القِيَامَةِ ﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ المَلَائِكَةُ تَنْزِيلَاً * المُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ﴾.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَو رَسَخَ الإِيمَانُ في قُلُوبِنَا لَمَا تَجَرَّأْنَا عَلَى هَذِهِ المُنْكَرَاتِ وَالكَبَائِرِ، وَلَمَا عَصَيْنَا جَبَّارَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَمَا تَعَدَّيْنَا الحُدُودَ، وَلَكِنْ لَنَا مِيعَادٌ ﴿يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعَاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ﴾.

لِنَسْتَعِدَّ لِلَحْظَةِ الفِرَاقِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لِنَسْتَعِدَّ لِلَحْظَةِ الفِرَاقِ، فِرَاقِ الدُّنْيَا إلى عَالَمِ البَرْزَخِ، لِنَسْتَعِدَّ للانْتِقَالِ مِنْ عَالَمِ الدُّورِ إلى عَالَمِ القُبُورِ، وَلْنَتَذَكَّرْ قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَتْبَعُ المَيِّتَ ثَلَاثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى مَعَهُ وَاحِدٌ؛ يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَيَبْقَى عَمَلُهُ» رواه الشيخان عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لِنَسْتَعِدَّ لِفِرَاقِ الفِرَاشِ اللَّيِّنِ إلى افْتِرَاشِ التُّرَابِ، وَلْنَغْتَنِمْ أَنْفَاسَ العُمُرِ قَبْلَ فَوَاتِهَا بِالمَوْتِ، وَلْنَتَذَكَّرْ قَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لِنَتَأَهَّبْ لِمَا هُوَ أَمَامَنَا، وَمَا نَحْنُ قَادِمُونَ عَلَيْهِ لَا مَحَالَةَ ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾. لِنَتَذَكَّرْ لَحْظَةَ الفِرَاقِ التي كَتَبَهَا اللهُ تعالى عَلَى جَمِيعِ مَخْلُوقَاتِهِ ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾.

المَوْتُ أَخْطَرُ حَقِيقَةٍ وَأَعْظَمُهَا وَأَكْبَرُهَا، المَوْتُ يُوَاجِهُهُ الشَّقِيُّ وَالسَّعِيدُ، وَالغَنِيُّ وَالفَقِيرُ، وَالعَزِيزُ وَالذَّلِيلُ.

تَـزَوَّدْ مِـنَ الـدُّنْيَا فَـإِنَّكَ لَا تَـدرِي    ***   إِذَا جَـنَّ لَـيْلٌ هَـلْ تَعِيشُ إلى الفَجْرِ

فَكَمْ مِنْ صَحِيحٍ مَاتَ مِنْ غَيْرِ عِـلَّةٍ   ***   وَكَمْ مِنْ سَقِيمٍ عَاشَ حِينَاً مِنَ الدَّهْرِ

وَكَمْ مِنْ صِغَارٍ يُرْتَجَى طُولُ عُمُرِهِمْ   ***   وَقَدْ أُدْخِلَتْ أَجْـسَادُهُمْ ظُلْمَةَ القَبْرِ

وَكَـمْ مِـنْ عَـرُوسٍ زَيَّنُوهَا لِـزَوْجِهَا  ***   وَقَدْ نُسِجَتْ أَكْـفَـانُهَا وَهِيَ لَا تَدْرِي

لِنَسْتَعِدَّ للمَوْتِ، وَلِلِقَاءِ اللهِ تعالى، وَذَلِكَ بِالإِكْثَارِ مِنْ طَاعَةِ اللهِ تعالى، وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ ﴿إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحَاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ * تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ * لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللهِ وَأَنَّ المُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ * فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾.

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدَّاً جَمِيلَاً. آمين.

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الأربعاء: 1/ رجب /1438هـ، الموافق: 29/آذار / 2017م