18ـ أنواع أعمال الخير وآثارها

 

من كتاب سيدنا محمد رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

18ـ أنواع أعمال الخير وآثارها

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: الحَدِيثُ السَّادِسُ عَشَرَ يُبَيِّنُ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْوَاعَ عَمَلِ الخَيْرِ وَآثَارِهَا:

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «صَنَائِعُ المَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ» إلى هُنَا رِوَايَةُ الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.

وَجَاءَ في رِوَايَةِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ: «وَكُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وَأَهْلُ المَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا أَهْلُ المَعْرُوفِ فِي الآخِرَةِ، وَأَهْلُ المُنْكَرِ فِي الدُّنْيَا أَهْلُ المُنْكَرِ فِي الْآخِرَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ أَهْلُ المَعْرُوفِ» هَذِهِ الزِّيَادَةُ رِوَايَةُ الطَّبَرَانِيِّ في الأَوْسَطِ وَقَدْ رَوَاهَا الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ بِصِيغَةِ: رُوِيَ.

الحَدِيثُ السَّابِعُ عَـشَرَ يُبَيِّنُ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وُجُوبَ مَحَبَّتِهِ فَوْقَ مَحَبَّةِ كُلِّ مَخْلُوقٍ:

عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» مُتَّفَقُ عَلَيْهِ.

الحَدِيثُ الثَّامِنُ عَـشَرَ يُبَيِّنُ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الصِّفَاتِ التي يَجِدُ بِهَا المُؤْمِنُ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ أَحَبَّ عَبْدَاً لَا يُحِبُّهُ إِلَّا للهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ، بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ».

وَفِي رِوَايَةٍ: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ وَطَعْمَهُ: أَنْ يَكُونَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ فِي اللهِ، وَأَنْ يَبْغُضَ فِي اللهِ، وَأَنْ تُوقَدَ نَارٌ عَظِيمَةٌ فَيَقَعَ فِيهَا أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُشْرِكَ بِاللهِ شَيْئَاً» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.

الحَدِيثُ التَّاسِعُ عَشَرَ فِيمَا وَرَدَ مِنْ حُقُوقِ المُسْلِمِينَ عَلَى بَعْضِهِمْ:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ سِتٌّ».

قِيلَ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: «إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ بِلَفْظِ: «خَمْسٌ» وَمُسْلِمٌ بِهَذَا اللَّفْظِ.

الحَدِيثُ العِشْرُونَ في التَّحْذِيرِ مِنَ الحَسَدِ وَالبَغْضَاءِ وَأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الدَّاءُ الذي هَلَكَتْ بِهِ الأُمَمُ:

عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ: الحَسَدُ وَالبَغْضَاءُ، وَالبَغْضَاءُ هِيَ الحَالِقَةُ، لَا حَالِقَةَ الشَّعَرِ، وَلَكِنْ حَالِقَةَ الدِّينِ، وَالَّذِي نَـفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ، وَرَوَاهُ البَزَّارُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ كَمَا في تَرْغِيبِ المُنْذِرِيِّ وَمَجْمَعِ الزَّوَائِدِ، وَصَدْرُ الحَدِيثِ في صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ.

الحَدِيثُ الحَادِي وَالعِشْرُونَ في بَيَانِ حُقُوقِ الطَّرِيقِ وَآدَابِهِ:

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ».

فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا (يَعْنُونَ أَنَّهُمْ قَدْ يُضْطَرُّونَ إلى الجُلُوسِ فِيهَا للتَّحَدُّثِ في أَمْرٍ مُهِمٍّ).

قَالَ: «فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجَالِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا».

قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟

قَالَ: «غَضُّ البَصَـرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بِالمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ» رواه الشيخان.

وَفِي رِوَايَةِ أَبِي داود زِيَادَةٌ: «وَإِرْشَادُ السَّبِيلِ».

وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ: «وَإِغَاثَةُ المَلْهُوفِ».

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الحَدِيثُ الثَّانِي وَالعِشْرُونَ في بَيَانِ أَنَّ مَنْ خَافَ اللهَ تعالى سَعَى إلى النَّجَاةِ مِنْ عَذَابِهِ، وَذَلِكَ بِطَاعَةِ اللهِ تعالى:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ خَافَ أَدْلَجَ (قَالَ العَلَّامَةُ المَنَاوِيُّ: أَدْلَجَ بِسُكُونِ الدَّالِ مُخَفَّفَاً: سَارَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَأَمَّا التَّشْدِيدُ فَمَعْنَاهُ سَارَ مِنْ آخِرِهِ. اهـ. وَالمَعْنَى: أَنَّ مَنْ مَشَى في الصَّحْرَاءِ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ، فَإِنَّ خَوْفَهُ مِنْ سِبَاعِ الصَّحْرَاءِ وَضِبَاعِهَا، يَحْمِلُهُ عَلَى أَنْ لَا يَبِيتَ، بَلْ يُتَابِعُ سَيْرَهُ حَتَّى يَبْلُغَ مَنْزِلَهُ وَمَأْمَنَهُ، وَفِي هَذَا عِبْرَةٌ للسَّائِرِينَ وَالسَّالِكِينَ).

وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ المَنْزِلَ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ غَالِيَةٌ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ الجَنَّةُ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَرَوَاهُ الحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَأَقَرَّهُ الذَّهَبِيُّ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 9/رجب /1439هـ، الموافق: 26/ آذار / 2018م