4ـ عرقه الشريف وطيب رائحته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

 

من كتاب سيدنا محمد رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

4ـ عرقه الشريف وطيب رائحته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: كَانَ مِنْ صِفَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ وَإِنْ لَمْ يَمَسَّ طِيبَاً، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ يَسْتَعْمِلُ الطِّيبَ في كَثِيرٍ مِنَ الأَوْقَاتِ، لِيَسُنَّ ذَلِكَ لِأُمَّتِهِ فَيَتَّبِعُوهُ، وَلِأَنَّهُ حُبِّبَ إِلَيْهِ الطِّيبُ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الحاكم عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «حُبِّبَ إِلَيَّ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ».

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ طِيبَ الرَّائِحَةِ كَانَ صِفَةً لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ أَطْيَبُ الطِّيبِ كُلِّهِ، وَأَنَّ رَائِحَتَهُ الزَّكِيَّةَ أَطْيَبُ مِنَ النَّفَحَاتِ العَنْبَرِيَّةِ وَالمِسْكِيَّةِ، مَا وَرَدَ في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَا شَمَمْتُ عَنْبَرَاً قَطُّ، وَلَا مِسْكَاً، وَلَا شَيْئَاً أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَا مَسِسْتُ شَيْئَاً قَطُّ، دِيبَاجَاً، وَلَا حَرِيرَاً أَلْيَنَ مَسَّاً مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وفي رواية الترمذي قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَلَا شَمَمْتُ مِسْكَاً قَطُّ، وَلَا عِطْرَاً كَانَ أَطْيَبَ مِنْ عَرَقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ، كَأَنَّ عَرَقَهُ اللُّؤْلُؤُ، إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ، وَلَا مَسَسْتُ دِيبَاجَةً، وَلَا حَرِيرَةً أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَا شَمِمْتُ مِسْكَةً وَلَا عَنْبَرَةً أَطْيَبَ مِنْ رَائِحَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وروى أَبُو نُعَيْمٍ وَالخَطِيبُ أَنَّ آمِنَةَ أُمَّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمَّا وَلَدَتْهُ قَالَتْ: ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ كَالقَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، رِيحُهُ يَسْطَعُ كَالمِسْكِ الأَذْفَرِ.

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْأُولَى (يَعْنِي صَلَاةَ الظُّهْرِ) ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَهْلِهِ وَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَاسْتَقْبَلَهُ وِلْدَانٌ (أَيْ: صِبْيَانٌ) فَجَعَلَ يَمْسَحُ خَدَّيْ أَحَدِهِمْ وَاحِدَاً وَاحِدَاً.

قَالَ جَابِرٌ: وَأَمَّا أَنَا فَمَسَحَ خَدِّي، فَوَجَدْتُ لِيَدِهِ بَرْدَاً أَوْ رِيحَا ًكَأَنَّمَا أَخْرَجَهَا مِنْ جُؤْنَةِ عَطَّارٍ (هِيَ سِلْسِلَةٌ مُسْتَدِيرَةٌ مُغَشَّاةٌ كَالسَّفَطِ يَجْعَلُ فِيهِ العَطَّارُ مَتَاعَهُ).

وفي صَحِيحِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالهَاجِرَةِ (نِصْفُ النَّهَارِ عِنْدَ اشْتِدَادِ الحَرِّ) إِلَى البَطْحَاءِ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ (عَصَا أَقْـصَرُ مِنَ الرُّمْحِ). وَقَامَ النَّاسُ فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ يَدَيْهِ فَيَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ.

قَالَ: فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَوَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِي، فَإِذَا هِيَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنَ المِسْكِ.

فَانْظُرْ يَا أَخِي في هَذِهِ الأَحَادِيثِ فَإِنَّهَا تَدُلُّ دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى طِيبِ رَائِحَتِهِ طِيبَاً ذَاتِيَّاً مُحَمَّدِيَّاً صِرْفَاً، أَكْرَمَهُ اللهُ تعالى بِهِ في جُمْلَةِ صُنُوفِ الإِكْرَامِ وَالإِنْعَامِ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الإِنْسَانُ بِشَكْلٍ عَامٍّ مُكَرَّمٌ، قَالَ تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾. فَيَا أَيُّهَا العَبْدُ المُكَرَّمُ ابْتِدَاءً، اسْتَقِمْ عَلَى شَرْعِ اللهِ تعالى لِيَزِيدَكَ اللهُ طِيبَاً، وَلِيَزِيدَكَ مَكَانَةً وَمَحَبَّةً عِنْدَهُ جَلَّ وَعَلَا.

الذي تَحَقَّقَ بِالعُبُودِيَّةِ الكَامِلَةِ هُوَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لَهُ مَثِيلٌ وَلَا نَظِيرٌ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِمُتَابَعَةِ الحَبِيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ظَاهِرَاً وَبَاطِنَاً. آمين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 7/ ربيع الثاني /1439هـ، الموافق: 25/ كانون الأول / 2017م