113-مع الصحابة وآل البيت رَضِيَ اللهُ عَنهُم:«وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ»

 

مع الصحابة وآل البيت رَضِيَ اللهُ عَنهُم

113ـ «مَرْحَبَاً بِرَجُلٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، بَلْ غَيْرُكَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ»

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَظِيمَ القَدْرِ، عَظِيمَ الشَّأْنِ، وَكَانَتْ مَكَانَتُهُ رَفِيعَةً تَخْتَفِي مَعَهَا كُلُّ مَكَانَةٍ وَمَنْزِلَةٍ مَهْمَا سَمَتْ وَعَلَتْ.

فَمَا مِنْ عَظِيمِ القَدْرِ وَالمَكَانَةِ مِنَ المَخْلُوقَاتِ إِلَّا وَهُوَ دُونَ عَظَمَةِ وَمَكَانَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَشَرَفٌ عَظِيمٌ للمُتَكَلِّمِ وَللسَّامِعِ أَنْ يَتَحَدَّثَ وَيَسْمَعَ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْ يُشَنِّفَ الآذَانَ بِذِكْرِ عَظَمَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّهُ بِذِكْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْعَدُ نُفُوسُنَا، وَتُشْرَحُ صُدُورُنَا، وَتَحْيَا قُلُوبُنَا، وَتَقْوَى عَزَائِمُنَا.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ تَعْظِيمَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَتَوْقِيرَهُ شُعْبَةٌ مِنْ شُعَبِ الإِيمَانِ، وَتَعْظِيمٌ لِشَعِيرَةٍ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ تعالى، وَهِيَ فَوْقَ مَنْزِلَةِ وَرُتْبَةِ المَحَبَّةِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مُحِبٍّ مُعَظِّمَاً، فَقَدْ يَكُونُ الحُبُّ تَكْرِيمَاً، وَقَدْ يَكُونُ حُنُوَّاً وَرَحْمَةً، وَلَيْسَ كُلُّ حُبٍّ إِجْلَالَاً وَتَقْدِيرَاً وَتَبْجِيلَاً.

السَّعِيدُ المُوَفَّقُ مَنْ جَمَعَ في قَلْبِهِ حُبَّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَعَ تَعْظِيمِهِ وَتَوْقِيرِهِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾. فَالمُحِبُّ وَالمُعَظِّمُ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هُوَ في زُمْرَةِ الفَالِحِينَ بِإِخْبَارِ اللهِ تعالى.

عَظَمَةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في القُرْآنِ العَظِيمِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ العَظِيمَ بِتَدَبُّرٍ عَرَفَ عَظَمَةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ خِلَالِ القُرْآنِ العَظِيمِ، وَعَرَفَ أَنَّ عَظَمَتَهُ ذَاتِيَّةٌ في شَخْصِهِ الـشَّرِيفِ؛ لِنأْخُذْ عَلَى سَبِيلِ المِثَالِ:

أولاً: لَقَدْ أَخَذَ اللهُ تعالى لَهُ العَهْدَ مِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ لَئِنْ بُعِثَ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ، وَيَنْصُرُوهُ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾. رِفْعَةٌ وَعَظَمَةٌ وَشَرَفٌ وَمَكَانَةٌ عَظِيمَةٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللهُ تعالى.

ثانياً: لَقَدْ أَعْلَمَ اللهُ تعالى جَمِيعَ أَهْلِ الكِتَابِ بِأَنَّهُ تَبَارَكَ وتعالى سَيَبْعَثُ هَذَا النَّبِيَّ العَظِيمَ، صَاحِبَ القَدْرِ الرَّفِيعِ، وَالمَكَانَةِ العَالِيَةِ، وَوَصَفَهُ بِوَصْفٍ دَقِيقٍ في كُتُبِهِمْ، فَقَالَ تعالى عَنْ هَذِهِ الحَقِيقَةِ: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقَاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبَاً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ﴾.

ثالثاً: لَقَدْ أَعْلَمَ اللهُ تعالى جَمِيعَ الـبَشَرِ بِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، فَلَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، فَضْلَاً عَنْ أَنْ يَكُونَ رَسُولَاً، فَقَالَ تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمَاً﴾. حَقَّاً إِنَّهُ خِتَامُ مِسْكٍ.

صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ تَعْظِيمِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لِنَأْخُذْ صُورَةً مِنْ صُوَرِ تَعْظِيمِ الصَّحَابَةِ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

يَقُولُ سَيِّدُنَا أَبُو أَيُّوبَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَمَّا نَزَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي، نَزَلَ فِي السُّفْلِ، وَأَنَا وَأُمُّ أَيُّوبَ فِي الْعُلُوِّ، فَقُلْت لَهُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، بِأَبِي أَنْت وَأُمِّي، إِنِّي لَأَكْرَهُ وَأُعْظِمُ أَنْ أَكُونَ فَوْقَكَ، وَتَكُونَ تَحْتِي، فَاظْهَرْ أَنْتَ فَكُنْ فِي الْعُلُوِّ وَنَنْزِلُ نَحْنُ فَنَكُونُ فِي السُّفْلِ.

فَقَالَ: «يَا أَبَا أَيُّوبَ، إِنَّ أَرْفَقَ بِنَا وَبِمَنْ يَغْشَانَا أَنْ نَكُونَ فِي سُفْلِ الْبَيْتِ».

قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي سُفْلِهِ، وَكُنَّا فَوْقَهُ فِي المَسْكَنِ، فَلَقَدْ انْكَسَرَ حُبٌّ لَنَا فِيهِ مَاءٌ، فَقُمْت أَنَا وَأُمُّ أَيُّوبَ بِقَطِيفَةٍ لَنَا، مَا لَنَا لِحَافٌ غَيْرَهَا، نُنَشِّفُ بِهَا المَاءَ تَخَوُّفَاً أَنْ يَقْطُرَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ شَيْءٌ فَيُؤْذِيَهُ.

قَالَ: وَكُنَّا نَصْنَعُ لَهُ الْعَشَاءَ، ثُمَّ نَبْعَثُ بِهِ إلَيْهِ، فَإِذَا رَدَّ عَلَيْنَا فَضْلَهُ تَيَمَّمْتُ أَنَا وَأُمُّ أَيُّوبَ مَوْضِعَ يَدِهِ فَأَكَلْنَا مِنْهُ نَبْتَغِي بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ، حَتَّى بَعَثْنَا إلَيْهِ لَيْلَةً بِعَشَائِهِ وَقَدْ جَعَلْنَا لَهُ بَصَلَاً أَوْ ثُومَاً؛ فَرَدَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ أَرَ لِيَدِهِ فِيهِ أَثَرَاً.

قَالَ: فَجِئْتُهُ فَزِعَاً، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، رَدَدْتَ عَشَاءَكَ وَلَمْ أَرَ فِيهِ مَوْضِعَ يَدِكَ، وَكُنْتُ إذَا رَدَدْتَهُ عَلَيْنَا، تَيَمَّمْتُ أَنَا وَأُمُّ أَيُّوبَ مَوْضِعَ يَدِكَ، نَبْتَغِي بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ.

قَالَ: «إِنِّي وَجَدْتُ فِيهِ رِيحَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، وَأَنَا رَجُلٌ أُنَاجِي، فَأَمَّا أَنْتُمْ فَكُلُوهُ».

قَالَ: فَأَكَلْنَاهُ وَلَمْ نَصْنَعْ لَهُ تِلْكَ الشَّجَرَةَ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: حَقَّاً إِنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ هُمْ أَعْرَفُ الخَلْقِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِذَا كَانُوا يُعَظِّمُونَهُ تَعْظِيمَاً مَا شَهِدَتِ البَشَرِيَّةُ تَعْظِيمَاً لِأَحَدٍ كَمَا عَظَّمَ الصَّحَابَةُ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَكَانُوا كَمَا وَصَفَهُمْ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَيْ قَوْمِ، وَاللهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى المُلُوكِ، وَوَفَدْتُ عَلَى قَـيْصَرَ، وَكِـسْرَى، وَالنَّجَاشِيِّ، وَاللهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكَاً قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدَاً، وَاللهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ. رواه الإمام البخاري.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَلْ عَرَفَتِ الأُمَّةُ قَدْرَ نَبِيِّهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَعَظَمَتَهُ، كَمَا عَرَفَ ذَلِكَ الصَّحَابَةُ الكِرَامُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، روى البيهقي عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ قَوْلَهُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾. نَزَلَتْ فِي ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ الْأَنْصَارِيِّ، كَانَ إِذَا جَالَسَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ إِذَا تَكَلَّمَ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ انْطَلَقَ مَهْمُومَاً حَزِينَاً، فَمَكَثَ فِي بَيْتِهِ أَيَّامَاً مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ قَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، وَكَانَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ جَارَهُ، فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ.

فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اذْهَبْ فَأَخْبِرْ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ أَنَّكَ لَمْ تُعْنَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَلَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ بَلْ أَنْتَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَاخْرُجْ إِلَيْنَا فَتَعَاهَدْنَا».

فَفَرِحَ ثَابِتٌ بِذَلِكَ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَرْحَبَاً بِرَجُلٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، بَلْ غَيْرُكَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ».

فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَخْفِضُ صَوْتَهُ حَتَّى مَا يَكَادُ أن يُسْمِعُ الَّذِي يَلِيهِ.

فَنَزَلَتْ فِيهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِمَحَبَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَتَعْظِيمِهِ حَقَّاً. آمين.

**        **     **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 17/ ربيع الثاني /1439هـ، الموافق: 4/ كانون الثاني / 2018م