6ـ حول خصائص ريقه الشريف صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

 

من كتاب سيدنا محمد رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

6ـ حول خصائص ريقه الشريف صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ أَعْطَى اللهُ تعالى رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَصَائِصَ كَثِيرَةً في رِيقِهِ الشَّرِيفِ، وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ رِيقَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِيهِ شِفَاءٌ للعَلِيلِ، وَرَوَاءٌ للغَلِيلِ، وَغِذَاءٌ وَقُوَّةٌ وَبَرَكَةٌ وَنَمَاءٌ؛ فَكَمْ دَاوَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِرِيقِهِ الشَّرِيفِ مِنْ مَرِيضٍ فَبَرِئَ مِنْ سَاعَتِهِ.

جَاءَ في الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدَاً رَجُلَاً يَفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ».

قَالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ (أَيْ:يَخُوضُونَ وَيَتَحَدَّثُونَ فِيهَا طُولَ لَيْلَتِهِمْ) أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَالَ: «أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟»ز

فَقَالُوا: يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ يَا رَسُولَ اللهِ.

قَالَ: «فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ فَأْتُونِي بِهِ». وفي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَالَ سَلَمَةُ: فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ وَهُوَ أَرْمَدُ.

فَلَمَّا جَاءَ بَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ.

وَفِي زَوَائِدِ ابْنِ حِبَّانَ عَنْ عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَفَلَ فِي رِجْلِ عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ حِينَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ، فَبَرَأَ.

وَإِنَّ رِيقَهُ الشَّرِيفَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ غِذَاءٌ للمُتَغَذِّي.

كَمَا روى البيهقي في الدَّلَائِلِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَدْعُو بِرُضَعَائِهِ ـ أَيْ: صِبْيَانِه ِالذينَ يُنْسَبُونَ إِلَيْهِ ـ وَبُرُضَعَاءِ ابْنَتِهِ السَّيِّدَةِ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَيَتْفُلُ فِي أَفَوَاهِهِمْ، وَيَقُولُ لِلْأُمَّهَاتِ: «لَا تُرْضِعُوهُمْ إِلَى اللَّيْلِ». فَكَانَ رِيقُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَكْفِيهِمْ عَنِ الرَّضَاعِ.

وَأَعْطَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا لِسَانَهُ، وَكَانَ قَدْ اشْتَدَّ عَلَيْهَ الظَّمَأُ، فَمَصَّهُ حَتَّى رَوِيَ؛ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ.

وروى الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ أن عَمِيرَةَ بِنْتَ مَسْعُودٍ دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هِيَ وأَخَوَاتُها يُبايِعْنَهُ، وَهُنَّ خَمْسٌ فَوَجَدْنَهُ وَهُوَ يَأْكُلُ قَدِيدَاً، فَمَضَغَ لَهُنَّ قَدِيدَةً ثُمَّ نَاوَلَنِي الْقَدِيدَةَ فَمَضَغَتْها كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ قِطْعَةً فَلَقِينَ اللهَ، وَمَا وَجَدْنَ لِأَفْوَاهِهِنَّ خُلُوفَاً (أَيْ: تَغَيُّرُ رَائِحَةِ فَمٍ).

نَظَافَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَأَمْرُهُ بِالنَّظَافَةِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْظَفَ خَلْقِ اللهِ تعالى بَدَنَاً وَثَوْبَاً وَبَيْتَاً وَمَجْلِسَاً، فَلَقَدْ كَانَ بَدَنُهُ الشَّرِيفُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَظِيفَاً وَضِيئَاً، كَمَا َتَقَّدَم في حَدِيثِ هِنْدِ بْنِ أَبِي هَالَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ  أَنْوَرَ المُتَجَرِّدِ (وَذَلِكَ أَنَّ أَعْضَاءَهُ المُتَجَرِّدَةَ عَنِ الشَّعْرِ وَالثَّوْبِ هِيَ في غَايَةِ الحُسْنِ، وَنَصَاعَةِ اللَّوْنِ، وَفِي هَذَا دَلِيلُ نَظَافَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ) وَكَمَا وَرَدَ في الحَدِيثِ: كَأَنَّ عُنُقَهُ جِيدُ دُمْيَةٍ فِي صَفَاءِ الْفِضَّةِ.

وروى الإمام مسلم عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَبْيَضَ مَلِيحَاً مُقَصَّدَاً (أَيْ: مُتَوَسِّطَاً بَيْنَ الطُّولِ وَالقِصَرِ).

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: روى الترمذي عَنِ ابْنِ أَبِي جُحَيْفَةٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَرِيقِ سَاقَيْهِ.

وَذَلِكَ لِأَنَّ ثَوْبَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ إلى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ تَحْتَ الرُّكْبَةِ ـ وَإِنَّ طِيبَ عَرْفِهِ وَعَرَقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَهُوَ أَكْبَرُ دَلِيلٍ عَلَى نَظَافَةِ جِسْمِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ وفي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَا مَسِسْتُ حَرِيرَاً وَلَا دِيبَاجَاً أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلاَ شَمِمْتُ رِيحَاً قَطُّ أَوْ عَرْفَاً قَطُّ ـ وَفِي رِوَايَةٍ: أَو عَرَقَاً ـ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ أَوْ عَرْفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ (العَرْفُ: هُوَ الرِّيحُ الطَّيِّبُ)».

وَعَنْ أَبِي قِرْصَافَةَ قَالَ: لَمَّا بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَأُمِّي وَخَالَتِي وَرَجَعْنَا مِنْ عِنْدِهِ مُنْصَرِفِينَ، قَالَتْ لِي أُمِّي وَخَالَتِي: يَا بُنَيَّ، مَا رَأَيْنَا مِثْلَ هَذَا الرَّجُلِ أَحْسَنَ مِنْهُ وَجْهَاً، وَلَا أَنْقَى ثَوْبَاً، وَلَا أَلْيَنَ كَلَامَاً، وَرَأَيْنَا كَأَنَّ النُّورَ يَخْرُجُ مِنْ فِيهِ».

فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْظَفُ خَلْقِ اللهِ بَدَنَاً، وَأَنْقَاهُمْ ثَوْبَاً؛ وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَسْتَاكُ حِينَ خُرُوجِهِ وَدُخُولِهِ مَنْزِلَهُ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ الحَبِيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 21/ ربيع الثاني /1439هـ، الموافق: 8/ كانون الثاني/ 2018م