98ـ كلمات في مناسبات: استعدوا لاستقبال رمضان

 

98ـ كلمات في مناسبات: استعدوا لاستقبال رمضان

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ حَذَّرَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الفُرْقَةِ، لِأَنَّ أَضْرَارَهَا وَخِيمَةٌ عَلَى المُؤْمِنِينَ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾. وَقَدْ ذَهَبَت رِيحُنَا، وَذَهَبَتْ قُوَّتُنَا، وَذَهَبَت مُمْتَلَكَاتُنَا، وَذَهَبَتْ قُدُرَاتُنَا، بِسَبَبِ الفُرْقَةِ بَيْنَنَا، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ حَذَّرَنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الفُرْقَةِ وَالتَّحَاسُدِ وَالتَّبَاغُضِ فَضْلَاً عَنِ الاقْتِتَالِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا» وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

كَمَا حَذَّرَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ مِنْ مُخَالَفَةِ أَمْرِهِ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ، فَقَالَ تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.

لَقَدْ حَذَّرَنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ قِتَالِ بَعْضِنَا لِبَعْضٍ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارَاً، يَـضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» رواه الشيخان عَنْ جَرِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَقَالَ لَنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» رواه الشيخان عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

الأُمَّةُ تَحْتَاجُ إلى إِصْلَاحٍ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ الأُمَّةَ اليَوْمَ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ إلى إِصْلَاحٍ يُدْخِلُ الرِّضَا عَلَى المُتَخَاصِمِينَ، وَيُعِيدُ الوِئَامَ إلى المُتَنَازِعِينَ، الأُمَّةُ اليَوْمَ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ إلى إِصْلَاحٍ تَسْكُنُ بِهِ النُّفُوسُ، وَتَتَآلَفُ بِهِ القُلُوبُ، الأُمَّةُ اليَوْمَ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ إلى مُصْلِحِينَ شَرُفَتْ أَقْدَارُهُمْ، وَكَرُمَتْ أَخْلَاقُهُمْ، وَطَابَتْ مَنَابِتُهُمْ، تَحْتَاجُ إلى مُصْلِحِينَ ذَوِي الشَّهَامَةِ مِنَ الرِّجَالِ، مِنْ ذَوِي الخِبْرَةِ وَالعَقْلِ وَالإِيمَانِ وَالصِّدْقِ، الأُمَّةُ اليَوْمَ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ إلى مُصْلِحِينَ سَمِعُوا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورَاً رَحِيمَاً﴾. وَقَوْلَهُ تعالى: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرَاً عَظِيمَاً﴾.

في المِحَنِ وَالبَلَايَا يَجِبُ الاجْتِمَاعُ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الوَاجِبُ عَلَيْنَا أَنَّهُ كُلَّمَا اشْتَدَّتِ البَلَايَا وَالمِحَنُ أَنْ يَقْوَى تَضَافُرُنَا، وَيَشْتَدَّ تَنَاصُرُنَا، وَذَلِكَ لِـنُصْرَةِ دِينِنَا، وَحِمَايَةِ أَعْرَاضِنَا وَمُمْتَلَكَاتِنَا، وَأَنْ نَكُونَ صَفَّاً وَاحِدَاً مُتَعَاضِدِينَ مُتَسَاعِدِينَ مُتَسَانِدِين، مُتَعَاوِنِينَ عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى، مُتَنَاهِينَ عَنِ الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ، نَابِذِينَ العَدَاءَ وَالبَغْضَاءَ، وَمُمْتَثِلِينَ قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثَاً، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثَاً، فَيَرْضَى لَكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوهُ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئَاً، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعَاً وَلَا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ المَالِ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ جَمَعَ الأُمَّةَ كِتَابٌ وَاحِدٌ، وَدِينٌ وَاحِدٌ، وَنَبِيٌّ وَاحِدٌ، هُوَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلِمَاذَا الفُرْقَةُ وَالتَّبَاغُضُ وَالتَّحَاقُدُ؟

أَلَمْ يَقُلْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فَذَلِكَ المُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فَلَا تُخْفِرُوا اللهَ فِي ذِمَّتِهِ» (فَلَا تَخُونُوا فِي تَضْيِيعِ حَقِّ مَن هَذا سَبِيلُهُ) ؟ رواه الإمام البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَلَمْ يَقُلْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضَاً»؟ رواه الشيخان عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَلَمْ يَقُلْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمَاً»؟ رواه أبو داود عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَلَمْ يَقُلْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لِأَخِيهِ: يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا، إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ»؟ رواه الإمام مسلم عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَاللهِ مَا جَرَى يَكْفِينَا، اسْمَعُوا كَلَامَ نَبِيِّكُمُ الصَّادِقِ المَصْدُوقِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ» رواه الترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: اسْمَعُوا قَوْلَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقَاطَعُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَكُونُوا إِخْوَانَاً كَمَا أَمَرَكُمُ اللهُ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَقَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «المُسْتَبَّانِ شَيْطَانَانِ، يَتَهَاتَرَانِ وَيَتَكَاذَبَانِ» رواه الإمام البخاري في الأَدَبِ المُفْرَدِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: اسْتَعِدُّوا لِلِقاءِ شَهْرِ رَمَضَانَ بِالصُّلْحِ فِيمَا بَيْنَكُمْ، وَبِالتَّسَامُحِ وَالتَّصَافُحِ وَالتَّحَابُبِ وَالتَّوَادِّ، لَعَلَّ اللهَ تعالى يَغْفِرُ ذُنُوبَنَا فِيهِ، اسْتَعِدُّوا لِلِقَاءِ شَهْرِ رَمَضَانَ بِالاصْطِلَاحِ مَعَ اللهِ تعالى أولاً.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِذَلِكَ. آمين.

**      **    **

الأربعاء: 16/ شعبان /1439هـ، الموافق: 2/ أيار / 2018م