22ـ الحث على الحياء من الله تعالى حق الحياء

 

من كتاب سيدنا محمد رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

22ـ الحث على الحياء من الله تعالى حق الحياء

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: الحَدِيثُ التَّاسِعُ وَالعِشْرُونَ خُطْبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ فِيهَا عَظَمَةَ اللهِ تعالى وَقَيُّومِيَّتَهُ وَتَصَرُّفَهُ سُبْحَانَهُ في مَخْلُوقَاتِهِ بِالقِسْطِ:

روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ».

الحَدِيثُ الثَّلَاثُونَ خُطْبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَحُثُّ فِيهَا عَلَى الحَيَاءِ مِنَ اللهِ تعالى حَقَّ الحَيَاءِ:

رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ وَالنَّاسُ حَوْلَهُ: «أَيُّهَا النَّاسُ، اسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ».

فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا لَنَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ.

فَقَالَ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُسْتَحْيِيَاً فَلَا يَبِيتَنَّ لَيْلَةً إِلَّا وَأَجَلُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلْيَحْفَظِ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى (أَيْ: وَمَا حَوَاهُ البَطْنُ مِنَ الطَّعَامِ وَالـشَّرَابِ، وَمِنَ الشَّهَوَاتِ، وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ حَلَالَاً في حَلَالٍ).

وَالرَّأْسَ وَمَا وَعَى (وَمَا وَعَاهُ الرَّأْسُ مِنَ المَدَارِكِ السَّمْعِيَّةِ وَالـبَصَرِيَّةِ، وَالقِوَى العَقْلِيَّةِ وَالفِكْرِيَّةِ وَالكَلَامِيَّةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَيَصْرِفُهَا فِيمَا شَرَعَهُ اللهُ تعالى وَرَضِيَهُ).

وَلْيَذْكُرِ المَوْتَ وَالْبِلَى، وَلْيَتْرُكْ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ في الأَوْسَطِ.

وَيَشْهَدُ لِهَذَا الحَدِيثِ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ حَقَّ الحَيَاءِ».

قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالحَمْدُ للهِ.

قَالَ: «لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِنَ اللهِ حَقَّ الحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْتَذْكُرِ المَوْتَ وَالبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنَ اللهِ حَقَّ الحَيَاءِ».

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الحَدِيثُ الحَادِي وَالثَّلَاثُونَ خُطْبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَصِفُ فِيهَا أَوْلِيَاءَ اللهِ تعالى وَيَذْكُرُ فِيهَا عِظَمَ الكَبَائِرِ:

عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ المُصَلُّونَ، وَمَنْ يُقِيمُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ الَّتِي كَتَبَهُنَّ اللهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَيَصُومُ رَمَضَانَ وَيَحْتَسِبُ صَوْمَهُ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ يَحْتَسِبُهَا، وَيَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ الَّتِي نَهَى الله عَنْهَا».

فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَمِ الْكَبَائِرُ؟

قَالَ: «هِيَ تِسْعٌ: أَعْظَمُهُنَّ الْإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَقَتْلُ المُؤْمِنِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَالْفِرَارُ يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَةِ، وَالسِّحْرُ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ المُسْلِمَيْنِ، وَإِحَلَالُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ قِبْلَتِكُمْ أَحْيَاءً وأمْوَاتَاً، لَا يَمُوتُ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ هَذِهِ الْكَبَائِرَ، وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، إِلَّا رَافَقَ مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي بُحْبُوحَةِ جَنَّةٍ (بُحْبُوحَةُ المَكَانِ: وَسَطُهُ) أَبْوَابُهَا مَصَارِيعُ الذَّهَبِ» قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ. اهـ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 21/شعبان /1439هـ، الموافق: 7/ أيار / 2018م