82ـ عظيم حلمه وعفوه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

 

من كتاب سيدنا محمد رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

82ـ عظيم حلمه وعفوه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: في عَظِيمِ حِلْمِهِ وَعَفْوِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

قَالَ اللهُ تعالى: ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمحْسِنِينَ﴾.

وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾.

كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَظِيمَ الحِلْمِ، لَا يُقَابِلُ السَّيِّئَةَ بِالسَّيِّئَةِ، بَلْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَمَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ مِنْ شَيْءٍ قَطُّ، إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللهِ، فَيَنْتَقِمُ للهِ تعالى.

رَوَى الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمَاً، فَإِنْ كَانَ إِثْمَاً كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ للهِ».

وَلَقَدِ اتَّسَعَ حِلْمُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِجَمِيعِ خَلْقِ اللِه تعالى، حَتَّى لِأَعْدَائِهِ الذينَ آذَوْهُ.

فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةُ أُحُدٍ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَجُرِحَ في شَفَتِهِ السُّفْلَى، وَشُجَّ في جَبْهَتِهِ الشَّرِيفَةِ حَتَّى سَالَ مِنْهُ الدَّمُ، فَجَعَلَ يُنَشِّفُهُ لِئَلَّا يَنْزِلَ عَلَى الأَرْضِ وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ وَقَعَ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى الأَرْضِ لَنَزَلَ عَلَيْهِمُ العَذَابُ مِنَ السَّمَاءِ».

وَلَقَدَ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الصَّحَابَةِ فَقَالُوا: لَو دَعَوْتَ عَلَيْهِمْ.

فَقَال: «إِنَّمَا لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانَاً، وَلَكِنْ بُعِثْتُ دَاعِيَاً وَرَحْمَةً، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي ـ وَفِي رِوَايَةٍ: اللَّهُمَّ اهْدِ قَوْمِي ـ فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ».

وَمِنْ مَظَاهِرِ حِلْمِهِ وَعَظِيمِ عَفْوِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: قِصَّةُ زَيْدِ بْنِ سَعْنَةَ أَحَدِ أَحْبَارِ اليَهُودِ، الذينَ أَسْلَمُوا لِرُؤْيَةِ تِلْكَ الآيَاتِ المُحَمَّدِيَّةِ، وَالعَلَامَاتِ النَّبَوِيَّةِ الجَلِيَّةِ.

فَقَدْ وَرَدَ عَنْ زَيْدِ بْنِ سَعْنَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَبْقَ مِنْ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ شَيْءٌ إِلَّا وَقَدْ عَرَفْتُهَا فِي وَجْهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَظَرْتُ إِلَيْهِ، إِلَّا اثْنَتَيْنِ لَمْ أَخْبُرْهُمَا مِنْهُ: يَسْبِقُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ، وَلَا يَزِيدُهُ شِدَّةُ الْجَهْلِ عَلَيْهِ إِلَّا حِلْمَاً.

قَالَ زَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ: فَكُنْتُ أَتَلَطَّفُ لَهُ ـ أَيْ: لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ لِأَنْ أُخَالِطَهُ فَأَعْرِفَ حِلْمَهُ وَجَهْلَهُ.

فَابْتَعْتُ (أَيْ: فَاشْتَرَيْتُ) مِنْهُ تَمْرَاً إلى أَجَلٍ، فَأَعْطَيْتُهُ الثَّمَنَ.

وَفِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ: فَأَعْطَاهُ زَيْدٌ قَبْلَ إِسْلَامِهِ ثَمَانِينَ مِثْقَالَاً ذَهَبَاً عَلَى تَمْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجْلٍ مَعْلُومٍ.

فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ مَجِيءِ الْأَجَلِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، أَتَيْتُ مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذْتُ بِمَجَامِعِ قَمِيصِهِ، وَرِدَاؤُهُ عَلَى عُنُقِهِ، وَنَظَرْتُ إِلَيْهِ بِوَجْهٍ غَلِيظٍ، ثُمَّ قُلْتُ: أَلَا تَقْضِيَنَّ يَا مُحَمَّدُ حَقِّي؟ فَوَاللهِ إِنَّكُمْ يَا بَنِي عَبْدَ المُطَّلِبِ مُطُلٌ (جَمْعُ مَاطِلٍ، أَيْ: تُؤَخِّرُونَ عَنْ أَدَاءِ الحَقِّ، وَتُسَوِّفُونَ المَوْعِدَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى).

فَقَالَ عُمَرُ: أَيْ عَدُوَّ اللهِ، أَتَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا أَسْمَعُ؟ (وَفِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ وَعَيْنَاهُ تَدُورَانِ في وَجْهِهِ كَالفَلَكِ المُسْتَدِيرِ) فَوَاللهِ لَوْلَا مَا أُحَاذِرُ فَوْتَهُ (أَيْ: مِنْ بَقَاءِ الصُّلْحِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وَبَيْنَ قَوْمِهِ اليَهُودِ إِذْ ذَاكَ) لَضَرَبْتُ بِسَيْفِي رَأْسَكَ.

قَالَ: وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَى عُمَرَ فِي سُكُونٍ وَتُؤَدَةٍ وَتَبَسُّمٍ.

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا كُنَّا ـ أَيْ: أَنَا وَزَيْدٌ ـ أَحْوَجَ إِلَى غَيْرِ هَذَا مِنْكَ يَا عُمَرُ، أَنْ تَأْمُرَنِي بِحُسْنِ الْأَدَاءِ، وَتَأْمُرَهُ بِحُسْنِ التِّبَاعَةِ (أَيْ: المُطَالَبَةِ).

ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اذْهَبْ بِهِ يَا عُمَرُ فَاقْضِهِ حَقَّهُ، وَزِدْهُ عِشْرِينَ صَاعَاً مِنْ غَيْرِهِ مَكَانَ مَا رُعْتَهُ» (أَيْ: مُقَابِلَ فَزَعِهِ). فَفَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ.

قَالَ زَيْدٌ: فَقُلْتُ: يَا عُمَرُ، كُلُّ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ قَدْ عَرَفْتُهَا فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَظَرْتُ إِلَيْهِ، إِلَّا اثْنَتَيْنِ لَمْ أَخْتَبِرْهُمَا مِنْهُ: يَسْبِقُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ، وَلَا يَزِيدُهُ شِدَّةُ الْجَهْلِ عَلَيْهِ إِلَّا حِلْمَاً، فَقَدِ اخْتَبَرْتُهُمَا، فَأُشْهِدُكَ يَا عُمَرُ أَنِّي قَدْ رَضِيتُ بِاللهِ رَبَّاً، وَبِالْإِسْلَامِ دِينَاً، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَبِيَّاً.

وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ زَيْدٌ: وَمَا حَمَلَنِي عَلَى مَا رَأَيْتَنِي صَنَعْتُ يَا عُمَرُ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ رَأَيْتُ صِفَاتِهِ التي في التَّوْرَاةِ كُلَّهَا إِلَّا الحِلْمَ، فَاخْتَبَرْتُ حِلْمَهُ اليَوْمَ، فَوَجَدْتُهُ عَلَى وَصْفِ التَّوْرَاةِ، وَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ هَذَا التَّمْرَ وَشَطْرَ مَالِي إلى فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ، وَأَسْلَمَ زَيْدٌ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ كُلُّهُمْ إِلَّا شَيْخَاً كَبِيرَاً غَلَبَتْ عَلَيْهِ الشِّقْوَةُ. قَالَ في شَرْحِ المَوَاهِبِ: رَوَى هَذَا الحَدِيثَ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ وَالبَيْهَقِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ وَغَيْرُهُمْ، بِرِجَالٍ ثِقَاتٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ سَعْنَةَ. اهـ.

وَمِنَ الوَقَائِعِ التي يَتَجَلَّى فِيهَا عَفْوُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَحِلْمُهُ: تَحَمُّلُ أَذَى المُؤْذِينَ، وَغِلْظَةُ المُغْلِظِينَ، وَمُقَابَلَةُ ذَلِكَ بِالسَّمَاحَةِ وَالصَّفْحِ.

رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَاً، فَقُمْنَا حِينَ قَامَ، فَنَظَرَ إِلَى أَعْرَابِيٍّ قَدْ أَدْرَكَهُ فَجَذَبَهُ ـ وَفِي رِوَايَةٍ: فَجَبَذَهُ ـ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، فَحَمَّرَ رَقَبَتَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ (أَيْ: صَارَ فِيهَا حُمْرَةٌ مِنْ أَثَرِ الجَذْبَةِ) وَكَانَ رِدَاءً خَشِنَاً، فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى الأَعْرَابِيِّ، فَقَالَ لَهُ الْأَعْرَابِيُّ: احْمِلْ لِي عَلَى بَعِيرَيَّ هَذَيْنِ (أَيْ: حَمِّلْهُمَا طَعَامَاً) مِنْ مَالِ اللهِ الذي عِنْدَكَ، فَإِنَّكَ لَا تَحْمِلُنِي مِنْ مَالِكَ وَلَا مِنْ مَالِ أَبِيكَ.

فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ (أَيْ: لَا أَحْمِلُكَ مِنْ مَالِي وَلَا مَالِ أَبِي).

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَفِي رِوَايَةِ البَيْهَقِيِّ: فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: «المَالُ مَالُ اللهِ، وَأَنَا عَبْدُهُ، لَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ، لَا أَحْمِلُكَ حَتَّى تُقِيدَنِي مِنْ جَبْذَتِكَ التي جَبَذْتَنِي» (أَيْ: تُمَكِّنُنِي مِنَ القَوْدِ، وَهُوَ القِصَاصُ مِنْ نَفْسِكَ، فَأَفْعَلُ مَعَكَ مِثْلَ مَا فَعَلْتَ مِنْ جَذْبِ الرِّدَاءِ بِشِدَّةٍ).

فَقَالَ لَهُ الأَعْرَابِيُّ: وَاللهِ لَا أُقِيدُكَهَا.

فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لمَِ؟».

فَقَالَ لَهُ الأَعْرَابِيُّ: لِأَنَّكَ لَا تُكَافِئُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ.

فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَجُلَاً ـ وَهُوَ عُمَرُ كَمَا في رِوَايَةٍ ـ فَقَالَ لَهُ: «احْمِلْ لَهُ عَلَى بَعِيرَيْهِ هَذَيْنِ، عَلَى بَعِيرٍ تَمْرَاً، وَعَلَى الآخَرِ شَعِيرَاً» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالبَيْهَقِيُّ وَأَصْلُهُ في البُخَارِيِّ.

فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُوذِيَ في نَفْسِهِ عَفَا وَصَفَحَ، وَلَكِنْ إِذَا انْتُهِكَتْ حُرْمَةُ جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبِ دِينِ اللهِ تعالى انْتَقَمَ للهِ تعالى:

فَلَمَّا شُجَّ وَجْهُهُ الشَّرِيفُ يَوْمَ أُحُدٍ عَفَا وَقَالَ: «اللَّهُمَّ اهْدِ قَوْمِي، فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ».

وَلَمَّا شَغَلُوهُ عَنِ الصَّلَاةِ يَوْمَ الخَنْدَقِ لَمْ يَعْفُ بَلْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَلَأَ اللهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارَاً، شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ» الحَدِيثُ كَمَا في الصَّحِيحَيْنِ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 4/ربيع الأول /1440هـ، الموافق: 12/ تشرين الثاني / 2018م