138ـ مع الصحابة وآل البيت رَضِيَ اللهُ عَنهُم :كن على حذر يا أيها القدوة

 

مع الصحابة وآل البيت رَضِيَ اللهُ عَنهُم

138ـ كن على حذر يا أيها القدوة

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الإِنْسَانَ الدَّاعِيَ إلى اللهِ تعالى، وَالمَسْؤُولَ عَنْ رَعِيَّتِهِ هُوَ بِحَاجَةٍ شَدِيدَةٍ جِدَّاً إلى أَنْ يُطَبِّقَ مَا يَقُولُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ تَبَايُنٌ بَيْنَ قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ حَتَّى يَقْتَدِيَ بِهِ غَيْرُهُ مِنْ رَعِيَّتِهِ وَمِنْ غَيْرِ رَعِيَّتِهِ.

فَمَنْ قَالَ للنَّاسِ حُسْنَاً وَعَمِلَ حَسَنَاً فَهُوَ بِحَقٍّ يَدْعُو إلى اللهِ تعالى الذي يَدْعُو إلى دَارِ السَّلَامِ، وَمَنْ قَالَ للنَّاسِ حَسَنَاً وَعَمِلَ سَيِّئَاً فَهُوَ بِحَقٍّ لِسَانُ حَالِهِ يَدْعُو إلى النَّارِ، وَقَدْ سَلَكَ مَسْلَكَ الشَّيْطَانِ ﴿إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾

الذي تَنَاقَضَ قَوْلُهُ مَعَ فِعْلِهِ تَرَى أَقْوَالَهُ تَقُولُ: هَلُمُّوا، وَلَكِنْ تَأْتِي أَفْعَالُهُ لِتَقُولَ: لَا تُصَدِّقُوهُ، لِأَنَّهُ لَو كَانَ مَا يَدْعُو إِلَيْهِ حَقَّاً لَكَانَ أَوَّلَ المُسْتَجِيبِينَ لَهُ.

لِذَلِكَ أَنْكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى هَذِهِ الشَّرِيحَةِ مِنَ النَّاسِ أَشَدَّ الإِنْكَار بِقَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتَاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾.

وَعِنْدَمَا قَالَ حُسْنَاً ، وَعَمِلَ سُوءَاً تَأَثَّرَ النَّاسُ بِعَمَلِهِ دُونَ قَوْلِهِ، لِذَلِكَ يَسْأَلُونَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَهُوَ في نَارِ جَهَنَّمَ: مَا الذي أَوْصَلَكَ إلى هَذَا؟

روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قِيلَ لِأُسَامَةَ: لَوْ أَتَيْتَ فُلَانَاً فَكَلَّمْتَهُ.

قَالَ: إِنَّكُمْ لَتُرَوْنَ أَنِّي لَا أُكَلِّمُهُ إِلَّا أُسْمِعُكُمْ، إِنِّي أُكَلِّمُهُ فِي السِّرِّ دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابَاً لَا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ، وَلَا أَقُولُ لِرَجُلٍ أَنْ كَانَ عَلَيَّ أَمِيرَاً إِنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ، بَعْدَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. قَالُوا: وَمَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ؟

قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: أَيْ فُلَانُ مَا شَأْنُكَ؟ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنِ المُنْكَرِ؟ قَالَ: كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ المُنْكَرِ وَآتِيهِ».

كُنْ عَلَى حَذَرٍ يَا أَيُّهَا القُدْوَةُ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كُلُّنَا قُدْوَةٌ لِأَبْنَائِنَا وَلِمَنِ اسْتَرْعَانَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ، فَلْنَكُنْ عَلَى حَذَرٍ، وَلْنَعْلَمْ بِأَنَّ الذينَ نُرَبِّيهِمْ وَنَدْعُوهُمْ إلى اللهِ تعالى، يَنْظُرُونَ إِلَيْنَا نَظْرَةً دَقِيقَةً دُونَ أَنْ نَعْلَمَ، فَلْنَكُنْ أَمْثِلَةً حَيَّةً بِسُلُوكِنَا وَأَعْمَالِنَا حَتَّى نُثِيرَ في نُفُوسِ مَنْ يُرَاقِبُنَا الإِعْجَابَ وَالتَّقْدِيرَ وَالمَحَبَّةَ وَالمَيْلَ إلى الخَيرِ، وَحَتَّى نُعْطِيَهُ القَنَاعَةَ بِأَنَّ الفَضَائِلَ وَالأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ هِيَ في مَقْدُورِنَا وَهِيَ بِوُسْعِنَا، وَلَيْسَتْ مِن نَسْجِ الخَيَالِ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: رُبَّ عَمَلٍ مُخَالِفٍ للشَّرِيعَةِ يَقُومُ بِهِ الإِنْسَانُ دُونَ أَنْ يُلْقِيَ لَهُ بَالَاً، فَإِذَا بِأَتْبَاعِهِ يَقُومُونَ بِهِ ظَنَّاً مِنْهُمْ بِأَنَّ هَذَا هُوَ الحَقُّ، وَهَذَا أَمْر خَطِيرٌ جِدَّاً.

فَلْنَكُنْ عَلَى حَذَرٍ مِنْ أَنْ يُنَاقِضَ فِعْلُنَا قَوْلَنَا الحَسَنَ، لِأَنَّ الأَتْبَاعَ يَتَأَثَّرُونَ بِمَا يَرَوْنَ أَكْثَرَ مِمَّا يَتَأَثَّرُونَ بِالقَوْلِ، لِأَنَّ النَّاسَ مُخْتَلِفُونَ في مُسْتَوَيَاتِهِمْ في فَهْمِ الكَلَامِ، وَلَكِنَّ الفِعْلَ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الرَّائِينَ، لِذَلِكَ قَالُوا: الفِعْلُ أَبْلَغُ مِنَ القَوْلِ.

فَمَنْ أَمَرَ النَّاسُ وَنَهَاهُمْ وَنَسِيَ نَفْسَهُ وَلَمْ يَلْتَزِمْ، عَاقِبَتُهُ وَخِيمَةٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، روى البيهقي عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَتَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِيَ عَلَى قَوْمٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نارٍ؛ فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟

فَقَالَ: هَؤُلَاءِ خُطَبَاءُ أُمَّتِكَ، الَّذِينَ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَقْرَأُنَ كِتَابَ اللهِ وَلَا يَعْمَلُونَ بِهِ».

يَا أَيُّهَا القُدْوَةُ: اعْلَمْ عِلْمَ اليَقِينِ بِأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ كَانُوا قُدْوَةً حَسَنَةً، هَذَا سَيِّدُنَا شُعَيْبٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَقُولُ لِقَوْمِهِ: ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾.

إِنِّي نَهَيْتُ النَّاسَ عَنْ كَذَا وَكَذَا:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ رَأَى أَصْحَابُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ المَثَلَ الأَعْلَى في شَخْصِيَّةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَكَيْفَ تَطَابَقَتِ الأَقْوَالُ مَعَ الأَفْعَالِ، وَكَيْفَ أَدَّبَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ نِسَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرَاً * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ للهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحَاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقَاً كَرِيمَاً * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلَاً مَعْرُوفَاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرَاً * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ لَطِيفَاً خَبِيرَاً﴾.

لِذَلِكَ سَلَكُوا النَّهْجَ الذي سَارَ عَلَيْهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

هَذَا سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَقُولُ: إِنَّ النَّاسَ يُؤَدُّونَ إِلَى الْإِمَامِ مَا أَدَّى الْإِمَامُ إِلَى اللهِ، وَإِنَّ الْإِمَامَ إِذَا رَتَعَ رَتَعَتِ الرَّعِيَّةُ. رواه البيهقي.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كُلُّنَا قُدْوَةٌ، كُلُّنَا رَاعٍ، انْظُرُوا إلى سَيِّدِنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، لَقَدْ كَانَ شَدِيدَاً في مُحَاسَبَةِ نَفْسِهِ، وَأَهْلِهِ، فَقَدْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الأَبْصَارَ مُشْرَئِبَّةٌ نَحوَهُ، وَطَامِحَةٌ إِلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَا جَدْوَى إِنْ قَسَا عَلَى نَفْسِهِ، وَرَتَعَ أَهْلُهُ، فَحُوسِبَ عَنْهُمْ في الآخِرَةِ، وَلَمْ تَرْحَمْهُ أَلْسِنَةُ الخَلَائِقِ في الدُّنْيَا، فَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ إِذَا نَهَى النَّاسَ عَنْ شَيْءٍ تَقَدَّمَ إلى أَهْلِهِ، فَقَالَ: قَدْ نَهَيْتُ النَّاسَ عَنْ كَذَا وَكَذَا، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْكُمْ نَظَرَ الطَّيْرِ إِلَى اللَّحْمِ، فَإِنْ هِبْتُمْ هَابَ النَّاسُ، وَإِنْ وَقَعْتُمْ وَقَعَ النَّاسُ، وَإِنَّهُ وَاللهِ لَا يَقَعُ أَحَدٌ مِنْكُمْ فِي أَمْرٍ قَدْ نَهَيْتُ النَّاسَ عَنْهُ إِلَّا ضَاعَفْتُ لَهُ الْعَذَابَ؛ لِمَكَانِكُمْ مِنِّي، فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ، وَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَأَخَّرَ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: نَحْنُ قُدْوَةٌ لِأَبْنَائِنَا، وَقُدْوَةٌ لِتَلَامِيذِنَا، وَقُدْوَةٌ لِمَنْ يَعْتَقِدُ بِصَلَاحِنَا، وَقُدْوَةٌ لِمَنِ اسْتَرْعَانَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ، وَتَذَكَّرُوا قَوْلَ مَنْ قَالَ:

أَيُّـهَـا الْـعَـالِمُ إيَّـاكَ الـزَّلَــــلْ   ***   وَاحْذَرِ الْهَفْوَةَ والْخَطْبَ الْجَلَـلْ

هَفْوَةُ العَالِم مُـسْـتَـعْـظَـمَــــة   ***   إِذْ بِهَا أَصْـبَـحَ في الْخَـلْقِ مَـثَـلْ

وَعَـلَى زَلَّـتِـهِ عُـمْـدَتُـهُـــــمْ   ***   فَبِهَا يَـحْـتَـجُّ مَـنْ أَخْـطَـأَ وَزَلْ

لَا تَقُلْ يَسْتُرُ عَليَّ الْعِلْمُ زَلَّتِــي   ***   بَلْ بِهَا يَحْصُلُ في العِلْمِ الخَـــلَلْ

إِنْ تَـكُـنْ عِـنْـدَكَ مُـسْـتَحْقَرَةْ   ***   فَهِيَ عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ جَبَـــــلْ

لَـيْـسَ مَـنْ يَـتْـبَـعُـهُ الْـعَالِمُ في   ***   كُلِّ مَا دَقَّ مِنَ الأَمْرِ وَجَـــــلْ

مِثْلُ مَـنْ يَـدْفَـعُ عَـنْـهُ جَـهْـلُهُ   ***   إِنْ أَتَى فَاحِشَةً قِيلَ قَدْ جَهِـــلْ

انْـظُرِ الأَنْـجُـمَ مَـهْـمَا سَقَطَتْ   ***   مَنْ رَآهَا وَهِي تَهْوِي لَمْ يُبَــــلْ

فَإِذَا الشَّمْسُ بَدَتْ كَـاسِـفَـــةً   ***   وَجِلَّ الْخَلْقُ لَهَا كُلَّ الوَجَــــلْ

وَتَرَاءَتْ نَحْوَهَا أَبْصَارُهُـــــمْ   ***   في انْزِعَاجٍ واضْطِرَابٍ وَوَجَلْ

وَسَرَى النَّقْصُ لَهُمْ مِنْ نَـقْصِهَا   ***   فَغَدَتْ مُظْلِمَةً مِنْهَا السُّبُــــلْ

وَكَـذَا الـعَـالِــمُ في زَلَّـتِــــــهِ   ***   يَفْتِنُ العَالَمَ طَرَّاً ويُضِـــــــلْ

يُـقْـتَـدَى مِـنْـهُ بِـمَـا فِـيـهِ هَفَا    ***   لَا بِـمَا اسْـتَـعْصَمَ فِيهِ وَاسْتَقَلْ

فَهُوَ مِلْحُ الأَرْضِ مَا يُـصْـلِـحُهُ   ***   إِنْ بَدَا فِيهِ فَـسَـادٌ وَخَـلَــــلْ

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: عَلَيَّ وَعَلَيْكُمْ بِدَعْوَةِ الأَقْرَبِينَ أَوَّلَاً إلى اللهِ تعالى، قَالَ تعالى: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾. لِأَنَّهُمْ أَحَقُّ بِالنَّصِيحَةِ وَالتَّوْجِيهِ وَالإِحْسَانِ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ في الغَالِبِ إلى قَرَابَةِ الدَّاعِيَةِ إلى اللهِ تعالى، وَمَدَى تَطْبِيقِهِمْ لِمَا يَدْعُو إِلَيْهِ.

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: وَالسِّرُّ فِي الْأَمْرِ بِإِنْذَارِ الأَقْرَبِينَ أَوَّلَاً أَنَّ الحُجَّةَ إِذَا قَامَتْ عَلَيْهِمْ تَعَدَّتْ إِلَى غَيْرِهِمْ، وَإِلَّا فَكَانُوا عِلَّةً لِلْأَبْعَدِينَ فِي الامْتِنَاعِ، وَأَنْ لَا يَأْخُذَهُ مَا يَأْخُذُ القَرِيبُ لِلْقَرِيبِ مِنَ العَطْفِ وَالرَّأْفَةِ فَيُحَابِيهِمْ فِي الدَّعْوَةِ وَالتَّخْوِيفِ، فَلِذَلِكَ نَصَّ لَهُ عَلَى إِنْذَارِهِمْ.

يَا رَبِّ، وَفِّقْنَا وَأَزْوَاجَنَا وَذُرِّيَّاتِنَا لِمَا يُرْضِيكَ عَنَّا، وَاجْعَلْنَا قُدْوَةً صَالِحَةً يَا رَبَّ العَالَمِينَ. آمين.

تاريخ الكلمة:

الخميس: 7/ ربيع الأول /1440هـ، الموافق: 15/ تشرين الثاني / 2018م