92ـ رحمته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بالحيوان

 

من كتاب سيدنا محمد رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

92ـ رحمته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بالحيوان

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: رَحْمَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالحَيَوَانِ:

كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُوصِي بِالرَّحْمَةِ بِالحَيَوَانِ، وَيَنْهَى صَاحِبَهُ أَنْ يُجِيعَهُ أَو يُدْئِبَهُ ـ أَيْ : العَمَلَ عَلَيْهِ بِاسْتِمْرَارٍ بِدُوْنِ غِذَاءٍ ـ وَيُتْعِبَهُ، بِإِدَامَةِ الحَمْلِ عَلَيْهِ، أَو إِثْقَالِهِ، أَو يَحُسَّهُ ـ الَحسُّ هُوَ القَتْلُ ـ بِمَا فِيهِ نَوْعٌ مِنَ التَّعْذِيبِ لَهُ.

رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ خُزَيْمَةَ في صَحِيحِهِ عَنْ سَهْلِ ابْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِبَعِيرٍ قَدْ لَحِقَ ظَهْرُهُ بِبَطْنِهِ (أَيْ: ضَمُرَ مِنْ شِدَّةِ الجُوعِ) فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقُوا اللهَ فِي هَذِهِ البَهَائِمِ المُعْجَمَةِ، فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً، وَكُلُوهَا صَالِحَةً».

وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: رَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَغْلَتَهُ، وَأَرْدَفَنِي خَلْفَهُ، فَدَخَلَ حَائِطَاً (أَيْ: بُسْتَانَاً) لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَإِذَا فِيهِ جَمَلٌ لَهُ.

فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَنَّ ـ الجَمَلُ ـ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ.

فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ (مَوْضِعَ الأُذُنَيْنِ مِنْ مُؤَخِّرِ الرَّأْسِ) وَسَرَاتَهُ، فَسَكَنَ ـ الجَمَلُ ـ.

فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ رَبُّ (أَيْ: صَاحِبُ) هَذَا الْجَمَلِ؟ لِمَنْ هَذَا الجَمَلُ؟».

فَجَاءَ شَابٌّ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: أَنَا.

فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلا تَتَّقِي اللهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللهُ إِيَّاهَا؟! فَإِنَّهُ شَكَاكَ إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ (أَيْ: تُتْعِبُهُ مِنْ كَثْرَةِ العَمَلِ عَلَيْهِ وَاسْتِعْمَالِهِ فَوْقَ طَاقَتِهِ)».

فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ إِجَاعَةِ الحَيَوَانِ وَإِتْعَابِهِ، إِمَّا بِكَثْرَةِ العَمَلِ عَلَيْهِ، أَو تَحْمِيلِهِ فَوْقَ طَاقَتِهِ.

كَمَا كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ إِرْهَاقِ الحَيَوَانِ بِإِيقَافِهِ وَإِطَالَةِ الجُلُوسِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ إلى ذَلِكَ:

فَفِي مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى قَوْمٍ وَهُمْ وُقُوفٌ عَلَى دَوَابَّ لَهُمْ وَرَوَاحِلَ.

فَقَالَ لَهُمْ: «ارْكَبُوهَا سَالِمَةً (قَالَ العَلَّامَةُ المَنَاوِيُّ في مَعْنَى سَالِمَةً: أَيْ: خَالِصَةً عَنِ الكَدِّ وَالإِتْعَابِ، قَالَ: وَقَالَ الهَيْثَمِيُّ: أَحَدُ أَسَانِيدِ أَحْمَدَ: رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَفِيهِ ضَعْفٌ. اهـ. قَالَ: وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: فِيهِ سَهْلٌ وَفِيهِ لَيِّنٌ، قُلْتُ: وَلَكِنَّهُ جَاءَ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَيَقْوَى مَا هُنَالِكَ).

وَدَعُوهَا سَالِمَةً، وَلَا تَتَّخِذُوهَا كَرَاسِيَّ لِأَحَادِيثِكُمْ فِي الطُّرُقِ وَالْأَسْوَاقِ، فَرُبَّ مَرْكُوبَةٍ خَيْرٌ مِنْ رَاكِبِهَا، وَأَكْثَرُ ذِكْرَاً للهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْهُ».

وَعَزَاهُ في الجَامِعِ الصَّغِيرِ إلى المُسْنَدِ وَأَبِي يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيِّ وَمُسْتَدْرَكِ الحَاكِمِ رَامِزَاً لِصِحَّتِهِ.

فَنَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنِ الجُلُوسِ فَوْقَ ظُهُورِ الدَّوَابِّ وَهِيَ وَاقِفَةٌ للتَّحَدُّثِ عَلَيْهَا.

قَالَ العَلَّامَةُ المَنَاوِيُّ: وَالمَنْهِيُّ عَنْهُ الوُقُوفُ الطَّوِيلُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، فَيَجُوزُ حَالَ القِتَالِ، وَالوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَنَحْوِ ذَلِكَ، قَالَ: وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِطَلَبِ الذِّكْرِ للرَّاكِبِ، وَقَدْ ذَكَرَ أَهْلُ الحَقِيقَةِ أَنَّهُ يُخَفِّفُ الثِّقَلَ عَنِ الدَّابَّةِ. اهـ.

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السَّلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ يُوصِيكُمْ بِهَذِهِ البَهَائِمِ العُجْمِ ـ مَرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثَاً ـ فَإِذَا سِرْتُمْ عَلَيْهَا فَأَنْزِلُوهَا مَنَازِلَهَا» الحديث في الإِصَابَةِ.

وَفِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَن قَتْلِ الضِّفْدَعِ وَقَالَ: «نَقِيقُهَا تَسْبِيحٌ» وَكَذَلِكَ أَوْرَدَهُ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمَاً غَفُورَاً﴾. الآيَةَ.

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.

كَذَا في تَرْغِيبِ المُنْذِرِيِّ قَالَ: وَخَشَاشُ الأَرْضِ: مُثَلَّثَةُ الخَاءِ المُعْجَمَةِ وَبِشِينَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ، هُوَ: حَـشَرَاتُ الأَرْضِ وَالعَصَافِيرُ وَنَحْوُهَا.

كَمَا وَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ تَسْلِيطِ الحَيَوَانَاتِ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ بِالأَذَى، وَتَهْيِيجِهَا بِالإِفْسَادِ:

فَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّحْرِيشِ بَيْنَ الْبَهَائِمِ.

رَحْمَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالطُّيُورِ:

كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُحَذِّرُ مِنْ أَنْ يُفْجِعَ الإِنْسَانُ الطُّيُورَ بِأَوْلَادِهَا، وَذَلِكَ مِنْ بَابِ الرَّحْمَةِ:

فَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ، فَرَأَيْنَا حُمَّرَةً (طَائِرٌ صَغِيرٌ كَالعُصْفُورِ) مَعَهَا فَرْخَانِ، فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا، فَجَاءَتِ الْحُمَّرَةُ، فَجَعَلَتْ تُعَرِّشُ (قَالَ في النِّهَايَةِ مُفَسِّرَاً لِهَذِهِ الجُمْلَةِ: التَّعْرِيشُ أَنْ تَرْتَفِعَ وَتُظَلِّلَ بِجَنَاحَيْهَا عَلَى مَنْ تَحْتَهَا. اهـ).

فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا».

وَرَأَى قَرْيَةَ نَحْلٍ ـ أَيْ: مُجْتَمَعَ نَحْلٍ ـ قَدْ حَرَّقْنَاهَا، فَقَالَ: «مَنْ حَرَّقَ هَذِهِ؟».

قُلْنَا: نَحْنُ.

قَالَ: «إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ».

كَمَا وَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَذَّرَ مِنْ قَتْلِ الطَّيْرِ عَبَثَاً، لَا لِمَنْفَعَةِ أَكْلٍ وَنَحْوِهِ.

رَوَى النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ في صَحِيحِهِ عَنِ الشَّرِيدَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ قَتَلَ عُصْفُورَاً عَبَثَاً، عَجَّ (أَيْ: شَكَا إلى اللهِ تعالى بِصَوْتٍ عَالٍ) إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْهُ يَقُولُ: يَا رَبِّ إِنَّ فُلَانَاً قَتَلَنِي عَبَثَاً، وَلَمْ يَقْتُلْنِي لِمَنْفَعَةٍ».

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ إِنْسَانٍ يَقْتُلُ عُصْفُورَاً فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا إِلَّا سَأَلَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا حَقُّهَا؟

قَالَ: «حَقُّهَا أَنْ يَذْبَحَهَا فَيَأْكُلَهَا، وَلَا يَقْطَعَ رَأْسَهَا فَيَرْمِيَ بِهِ». قَالَ في التَّرْغِيبِ: رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحُ الإِسْنَادِ.

كَمَا وَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى بِالرِّفْقِ في ذَبْحِ الحَيَوَانِ وَالإِحْسَانِ إِلَيْهِ في ذَلِكَ:

رَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَجُلَاً أَضْجَعَ شَاةً، وَهُوَ يَحُدُّ شَفْرَتَهُ.

فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَتُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَتَيْنِ، هَلَّا حَدَدْتَ شَفْرَتَكَ قَبْلَ أَنْ تُضْجِعَهَا». قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ، وَالأَوْسَطِ، وَالحَاكِمُ ـ وَاللَّفْظُ لَهُ ـ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كَمَا وَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَذَّرَ مِنَ اتِّخَاذِ الحَيَوَانِ وَكُلِّ ذِي رُوحٍ غَرَضَاً ـ أَيْ: هَدَفَاً للرَّمْيِ ـ:

رَوَى الشَّيْخَانِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ مَرَّ بِفِتْيَانٍ مِنْ قُرَيْشٍ، قَدْ نَصَبُوا طَيْرَاً أَو دَجَاجَةً يَتَرَامَوْنَهَا، وَقَدْ جَعَلُوا لِصَاحِبِ الطَّيْرِ كُلَّ خَاطِئَةٍ مِنْ نُبْلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوُا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا عَنْهَا.

فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ لَعَنَ اللهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ مَنِ اتَّخَذَ شَيْئَاً فِيهِ الرُّوحُ غَرَضَاً».

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 17/ربيع الثاني /1440هـ، الموافق: 24/ كانون الأول / 2018م