64ـ كريم عشرته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

 

من كتاب سيدنا محمد رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

64ـ كريم عشرته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: كَرِيمُ عِشْرَتِهِ وَحُسْنُ مُعَامَلَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَعَ زَوْجَاتِهِ وَسَائِرِ أَهْلِهِ:

كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَرِيمَ العِشْرَةِ مَعَ زَوْجَاتِهِ وَسَائِرِ أَهْلِهِ، يُلَاطِفُهُنَّ وَيُمَازِحُهُنَّ، وَيُعَامِلُهُنَّ بِالوُدِّ وَالإِحْسَانِ.

رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي».

وَزَادَ ابْنُ عَسَاكِرَ في رِوَايَتِهِ: «مَا أَكْرَمَ النِّسَاءَ إِلَّا كَرِيمٌ، وَلَا أَهَانَهُنَّ إِلَّا لَئِيمٌ».

وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَكْمَلِ المُؤْمِنِينَ إِيمَانَاً أَحْسَنُهُمْ خُلُقَاً وَأَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

وَرَوَى الحَاكِمُ ـ وَقَالَ صَحِيحُ الإِسْنَادِ ـ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِلنِّسَاءِ».

وَعَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمَانَاً أَحْسَنُهُمْ خُلُقَاً، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِكُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا سُئِلَتْ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَلَا في بَيْتِهِ؟

فَقَالَتْ: كَانَ أَلْيَنَ النَّاسِ، بَسَّامَاً ضَحَّاكَاً، لَمْ يُرَ قَطُّ مَادَّاً رِجْلَيْهِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ وَذَلِكَ لِعَظِيمِ أَدَبِهِ وَكَمَالِ وَقَارِهِ ـ.

وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَأَنَا جَارِيَةٌ ـ أَيْ: حَدِيثَةُ السِّنِّ ـ لَمْ أَحْمِلِ اللَّحْمَ وَلَمْ أَبْدُنْ.

فَقَالَ لِلنَّاسِ: «تَقَدَّمُوا». فَتَقَدَّمُوا.

ثُمَّ قَالَ: «تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ».

فَسَابَقْتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَسَبَقْتُهُ.

فَسَكَتَ عَنِّي، حَتَّى حَمَلْتُ اللَّحْمَ وَبَدُنْتُ وَسَمُنْتُ، فَخَرَجْتُ مَعَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في بَعْضِ أَسْفَارِهِ.

فَقَالَ لِلنَّاسِ: «تَقَدَّمُوا». فَتَقَدَّمُوا.

ثُمَّ قَالَ: «تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ» فَسَابَقْتُهُ، فَسَبَقَنِي، فَجَعَلَ يَضْحَكُ، وَهُوَ يَقُولُ: «هَذِهِ بِتِلْكَ (يَعْنِي أَنِّي سَبَقْتُكِ في هَذِهِ المَرَّةِ الثَّانِيَةِ، في مُقَابِلِ سَبْقَتِكِ تِلْكَ المَرَّةَ الأُولَى، وَأَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ لَا تَحْزَنَ)» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَحْمَدُ.

وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُعَاوِنُ أَهْلَهُ في الأُمُورِ البَيْتِيَّةِ:

رَوَى البُخَارِيُّ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: مَا كَانَ النَّبِيُّ يَصْنَعُ في أَهْلِهِ؟

فَقَالَتْ: كَانَ في مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ قَامَ إلى الصَّلَاةِ.

وَفِي هَذَا تَنْبِيهٌ للأُمَّةِ أَنْ يَسِيرُوا عَلَى هَذَا الكَمَالِ، وَلَا يَكُونُوا مِنْ جَبَابِرَةِ الرِّجَالِ، خَاصَّةً مَعَ الأَهْلِ وَالعِيَالِ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَلَقَدْ أَوْصَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً في مُنَاسَبَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَفِي مُجْتَمَعَاتٍ خَاصَّةٍ وَعَامَّةٍ.

فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَـسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً» الحَدِيثَ.

وَفِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ في خُطْبَتِهِ يَوْمَ حَجَّةِ الوَدَاعِ: «أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ، لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئَاً غَيْرَ ذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ، وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبَاً غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلَاً، أَلَا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقَّاً، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقَّاً، فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلَا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ، أَلَا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ» الحَدِيثَ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 20/ذو الحجة/1439هـ، الموافق: 31/ آب / 2018م