67ـ حسن لقائه وكريم إقباله على جلسائه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

 

من كتاب سيدنا محمد رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

67ـ حسن لقائه وكريم إقباله على جلسائه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: حُسْنُ لِقَائِهِ وَكَرِيمُ إِقْبَالِهِ عَلَى جُلَسَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَأْخُذُ بِيَدِهِ فَيَنْتَزِعُ يَدَهُ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الذي يُرْسِلُهُ.

وَلَمْ يَكُنْ يُرَى رُكَبْتَيْهِ ـ أَوْ رُكْبَتَهُ ـ خَارِجَاً عَنْ رُكْبَةِ جَلِيسِهِ.

وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُصَافِحُهُ إِلَّا أَقْبَلَ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ لَمْ يَصْرِفْهُ عَنْهُ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ كَلَامِهِ.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، كَمَا في مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ، وَرَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ في الطَّبَقَاتِ وَابْنُ مَاجَه، كَمَا في غِذَاءِ الأَلْبَابِ.

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُقْبِلُ بِوَجْهِهِ وَحَدِيثِهِ عَلَى شَرِّ الْقَوْمِ، يَتَأَلَّفُهُ بِذَلِكَ، وَكَانَ يُقْبِلُ بِوَجْهِهِ وَحَدِيثِهِ عَلَيَّ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنِّي خَيْرُ الْقَوْمِ.

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا خَيْرٌ أَمْ أَبُو بَكْرٍ؟

قَالَ: «أَبُو بَكْرٍ».

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا خَيْرٌ أَمْ عُمَرُ؟

قَالَ: «عُمَرُ».

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا خَيْرٌ أَمْ عُثْمَانُ؟

قَالَ: «عُثْمَانُ».

فَلَمَّا سَأَلَتُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ صَدَّ عَنِّي، فَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ سَأَلْتُهُ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ في الشَّمَائِلِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ كَمَا في مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ؛ قَالَ: وَفِي الصَّحِيحِ بَعْضُهُ بِغَيْرِ سِيَاقِهِ.

وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَعَثَ بَعْثَاً قَالَ: «تَأَلَّفُوا النَّاسَ وَلَا تُغِيرُوا عَلَى حَيٍّ حَتَّى تَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ وَبَرٍ وَلَا مَدَرٍ تَأْتُونِي بِهِمْ مُسْلِمِينَ إِلَّا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَأْتُونِي بِنِسَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ وَتَقْتُلُونَ رِجَالَهُمْ» الحَدِيثَ. الإِصَابَةَ.

بَسَامَتُهُ وَطَلَاقَةُ وَجْهِهِ مَعَ النَّاسِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَطْلَقَ النَّاسِ وَجْهَاً، وَأَكْثَرَهُمْ تَبَسُّمَاً، وَأَحْسَنَهُمْ بِشْرَاً.

رَوَى البَزَّارُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ الْوَحْيُ أَوْ وَعَظَ قُلْتَ: نَذِيرُ قَوْمٍ أَتَاهُمُ الْعَذَابُ، فَإِذَا ذَهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ رَأَيْتَ أَطْلَقَ النَّاسِ وَجْهَاً، وَأَكْثَرَهُمْ ضَحِكَاً، وَأَحْسَنَهُمْ بِشْرَاً. كَذَا في مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ.

وَتَقَدَّمَ قَوْلُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمَّا سُئِلَتْ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَلَا في بَيْتِهِ؟

فَقَالَتْ: كَانَ أَلْيَنَ النَّاسِ، بَسَّامَاً ضَحَّاكَاً، لَمْ يُرَ قَطُّ مَادَّاً رِجْلَيْهِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

رَدُّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ التَّحِيَّةَ بِأَحْسَنَ مِنْهَا:

عَنْ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ.

فَقَالَ: «وَعَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ».

ثُمَّ أَتَى آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَرَحْمَةُ اللهِ.

فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَعَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ».

ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَعَلَيْكَ».

فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَاكَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَحَيَيْتَهُمَا بِأَفْضَلَ مِمَّا حَيَّيْتَنِي؟

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكَ ـ لَنْ ـ أَوْ لَمْ تَدَعْ شَيْئَاً، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾. فَرَدَدْتُ عَلَيْكَ التَّحِيَّةَ» الحَدِيثَ؛ قَالَ في الدُّرِّ المَنْثُورِ: رَوَاهُ أَحْمَدُ في الزُّهْدِ، وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ المُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوِيه بِسَنَدٍ حَسَنٍ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: تَرْحِيبُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالقَادِمِ عَلَيْهِ:

عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ قَالَ: اسْتَأْذَنَ عَمَّارٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَعَرَفَ صَوْتَهُ، فَقَالَ: «مَرْحَبَاً بِالطَّيِّبِ المُطَيَّبِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَه وَالبُخَارِيُّ في الأَدَبِ المُفْرَدِ.

وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِشْيَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَرْحَبَاً بِابْنَتِي» فَأَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ. رَوَاهُ الإمام مسلم.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمْ: «مَرْحَبَاً بِالوَفْدِ، غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَدَامَى . . .» الحَدِيثَ.

وَقَالَ لِعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ: «مَرْحَبَاً بِالرَّاكِبِ المُهَاجِرِ».

وَقَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: ذَهَبْتُ إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَغْتَسِلُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟».

قُلْتُ: أُمُّ هَانِئٍ.

فَقَالَ: «مَرْحَبَاً بِأُمِّ هَانِئٍ».

سُؤَالُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَالِ أَصْحَابِهِ بِقَوْلِهِ: كَيْفَ أَنْتَ؟ وَكَيْفَ أَصْبَحْتَ؟

أَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْقَى الرَّجُلَ، فَيَقُولُ: «يَا فُلَانُ، كَيْفَ أَنْتَ؟».

فَيَقُولُ: بِخَيْرٍ أَحْمَدُ اللهَ.

فَيَقُولُ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «جَعَلَكَ اللهُ بِخَيْرٍ» قَالَ في مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُؤَمِّلِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَفِيهِ ضَعْفٌ. اهـ.

وَرَوَى أَبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟».

فَقَالَ: بِخَيْرٍ مِنْ قَوْمٍ لَمْ يَعُودُوا مَرِيضَاً، وَلَمْ يَشْهَدُوا جِنَازَةً.

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ: «كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا فُلَانُ؟».

قَالَ: أَحْمَدُ اللهَ إِلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا الَّذِي أَرَدْتُ مِنْكَ».

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 7/محرم /1440هـ، الموافق: 17/ أيلول / 2018م